محلل لبناني لـ"تفصيلة": مصر مركز التوازن الإقليمي وشريك أوروبا الاستراتيجي وجسر العبور بين القارات

مصر لا تقف على هامش الأحداث، بل تصنع مسارها وسط عالم مضطرب تتقاطع فيه المصالح والصراعات.
على مدى عقود، خاضت القاهرة معارك السياسة كما خاضت معارك الميدان، لترسخ حضورها كقوة عاقلة تحفظ توازن المنطقة.
واليوم، ومع تصاعد الأزمات الإقليمية والدولية، تواصل مصر تأكيد مكانتها كدولة محورية تجمع بين الخبرة الدبلوماسية والرؤية الاستراتيجية.
مصر بين الحرب والسلام.. قلب الشرق ومفتاح الاستقرار
أكد الدكتور خالد زين الدين، المحلل السياسي وعضو اتحاد الصحفيين في بروكسل وعضو نقابة الصحافة البولندية ورئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية، في تصريحات خاصة لموقع "تفصيلة"، أن مصر راكمت خبرة واسعة في إدارة ملفات النزاع الممتدة، مستفيدةً من قدرات مؤسساتها الدبلوماسية والأمنية وخبرتها في ديناميكيات التفاوض وصياغة الحلول السياسية.

وأوضح أن هذه الخبرة لا تقتصر على تراكم التجارب فقط، بل تشمل القدرة على التحرك العملي والمتوازن في أزمات المنطقة، بفضل موقعها الجغرافي الذي يضعها في قلب مسرح الأزمات الإقليمية مثل التوتر في غزة، والصراع في ليبيا، والحرب في السودان.
شبكة علاقات متوازنة مع القوى الكبرى
وأشار زين الدين إلى أن مصر تمتلك شبكة علاقات متوازنة مع قوى دولية وإقليمية متناقضة، فهي شريك استراتيجي لواشنطن، وتحتفظ في الوقت نفسه بقنوات اتصال فعّالة مع موسكو.
كما تدير القاهرة ملفات معقدة مثل العلاقة بين حركتي حماس وفتح، وتحتفظ بعلاقات قوية مع إسرائيل، إلى جانب روابطها التاريخية مع الأشقاء العرب.
هذه العلاقات المتنوعة، بحسب زين الدين، منحت مصر مكانة سياسية وشعبية راسخة في العالم العربي وجعلتها قادرة على لعب أدوار الوساطة والتوازن في أكثر القضايا حساسية.
شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي
لفت زين الدين إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعد الشريك التجاري الأهم لمصر، حيث شكّل نحو 25% من حجم تجارتها خلال عام 2023، وبلغ حجم السلع المتبادلة بين الجانبين 26.4 مليار يورو.
وأوضح أن اتفاقية الشراكة ومنطقة التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوروبي أُنشئت لإزالة الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية وتيسير تبادل المنتجات الزراعية، مما أسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي.
كما أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بالعمل مع مصر لبناء أجندة مشتركة من أجل الازدهار والاستقرار، مشيراً إلى اعتماد أولويات الشراكة الجديدة في عام 2022 لتوجيه العلاقة حتى عام 2027، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وخطة الاتحاد الأوروبي للاستثمار في منطقة المتوسط.
اتفاقيات ودعم متبادل يعززان المكانة المصرية
أوضح زين الدين أن الاتفاقيات الأخيرة بين القاهرة وبروكسل تؤكد عمق الشراكة الاستراتيجية، مشيراً إلى توقيع مذكرة تفاهم في يونيو 2024 بشأن صرف الشريحة الأولى من المساعدات المالية لدعم الاقتصاد المصري والتحول الأخضر.
وأكد أن هذه الخطوات تبرز مكانة مصر كمركز استراتيجي وجيوسياسي في المنطقة، فهي رعاية للاتفاقيات ومعاهدات السلام، وصِلة الوصل بين الدول العربية وأوروبا، إضافة إلى موقعها الحيوي الذي يجعلها بوابة أوروبا إلى إفريقيا.

مصر.. بوابة أوروبا إلى إفريقيا ومفتاح الممرات الدولية
اختتم زين الدين تصريحاته بالتأكيد على أن مصر تمثل البوابة الأوروبية للقارة الإفريقية في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقة، خصوصاً بعد التحولات التي فرضتها حرب أوكرانيا وروسيا على خريطة الإمدادات العالمية.
وأشار إلى أن قناة السويس والممرات التجارية المصرية تمنح القاهرة ميزة استراتيجية فريدة تجعلها عنصراً لا غنى عنه في الاستقرارين الإقليمي والدولي، مؤكداً أن القمة المصرية الأوروبية في بروكسل تُجسّد اليوم مكانة مصر الإقليمية والدولية كقوة جيوسياسية واستراتيجية مؤثرة.