دراسة أمريكية: الشعور بالتحكم مفتاح فعال لتخفيف التوتر اليومي

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد فيه الضغوط اليومية، من مواعيد العمل إلى التحديات العائلية، يبدو أن الشعور بالتحكم قد يكون المفتاح الذهبي للتعامل مع التوتر.
هذا ما توصلت إليه دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا ونشرت نتائجها مؤخرًا في مجلة Communications Psychology العلمية.
السيطرة تقلل التوتر بنسبة تصل إلى 65%
أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يشعرون بقدر أكبر من التحكم في مجريات يومهم يكونون أكثر قدرة بنسبة 62% على اتخاذ إجراءات مباشرة لمواجهة التحديات، مثل إجراء مكالمات مهمة أو خوض محادثات صعبة.
اللافت أن هذا التأثير كان أكثر وضوحًا لدى كبار السن، ما يشير إلى أن الإحساس بالسيطرة يتعزز مع التقدم في العمر.
وقال الدكتور ديفيد ألميدا، أستاذ التنمية البشرية ودراسات الأسرة في جامعة ولاية بنسلفانيا والمؤلف الرئيسي للدراسة:"حتى الزيادة الطفيفة في الشعور بالسيطرة يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا في طريقة تعامل الأفراد مع ضغوط الحياة اليومية."
السيطرة اليومية مورد نفسي يمكن تطويره
الدراسة التي استمرت لعشر سنوات اعتمدت على متابعة سلوكيات المشاركين واستجاباتهم تجاه مواقف ضاغطة.
وتمحورت حول سؤال رئيسي طرحه الباحث داكوتا ويتزل، الذي كان حينها باحثًا في مركز الشيخوخة الصحية بالجامعة: "إذا كان الشعور بالسيطرة يساعد على حل الضغوطات، فهل يمكن اعتباره موردًا نفسيًا يمكن تطويره لتعزيز الصحة النفسية؟"
الإجابات جاءت بعد عقد كامل، لتؤكد أن الأشخاص الذين زاد لديهم الشعور بالتحكم بنسبة معينة، ارتفعت لديهم احتمالات حل مشكلاتهم اليومية إلى 65%.
كيف تعزز الشعور بالتحكم؟
يرى الباحثون أن الشعور بالتحكم ليس سمة ثابتة، بل يمكن تعزيزه من خلال ممارسات بسيطة، مثل:
تحديد الأولويات اليومية.
إعادة صياغة التحديات بطريقة إيجابية.
تهيئة بيئة داعمة تساعد على الشعور بالاستقلالية واتخاذ القرار.
وقال ويتزل: "هذا العمل يوضح أن التقدم في السن لا يمنحنا حكمة أكبر فقط، بل يزيد من قدرتنا على إدارة التوتر والتصرف حياله بطريقة أكثر فاعلية."
التوتر اليومي مقابل التوتر المزمن
ورغم تركيز الدراسة على التوتر اليومي، إلا أن الباحثين أشاروا إلى أهمية التوسع لاحقًا في دراسة آثار الشعور بالتحكم على الضغوط المزمنة، مثل المشكلات المالية أو الصحية، لما لذلك من أثر عميق ومستمر على الصحة النفسية.
بينما يبدو التوتر جزءًا لا مفر منه في الحياة الحديثة، تكشف هذه الدراسة عن أداة فعالة وبسيطة نسبياً للحد من أثره: الشعور بالسيطرة.
وتبرز أهمية تدريب النفس على استعادة هذا الشعور كوسيلة لتعزيز الصحة النفسية وتحسين جودة الحياة، يومًا بعد يوم