"الصحة" تحسم الجدل بشأن انتشار عمليات سرقة الأعضاء وخطف الأطفال

تجددت في الآونة الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي شائعات تزعم وجود عصابات منظمة تقوم بخطف الأطفال أو استغلال المرضى داخل المستشفيات لسرقة أعضائهم، مثل الكلى، لاستخدامها في عمليات زرع غير شرعية.
هذه الادعاءات ليست جديدة، بل تعود إلى أساطير حضرية عالمية انتشرت منذ عقود، إلا أنها تظل قادرة على إثارة الذعر وزعزعة ثقة المواطنين في المنظومة الصحية.
وأكدت وزارة الصحة أنه يستحيل سرقة الأعضاء أثناء العمليات الجراحية لعدة أسباب منها من الناحية الطبية، فإن استئصال عضو مثل الكلية من مريض تحت تأثير التخدير أمر غير ممكن عملياً، إذ إن العملية تصنف كجراحة كبرى تستغرق ساعات، وتتطلب، شقا جراحيًا كبيرًا يتراوح بين 15 و20 سنتيمترًا، وأدوات دقيقة ومعدات متخصصة، وفريقا طبيا كاملا يضم جراحين وأطباء تخدير وممرضين، مشيرة إلى أن العملية تترك آثارًا واضحة مثل ندوب جراحية وآلام شديدة وفقدان بعض الوظائف الجسدية، ما يجعل المريض يكتشف الأمر فور استيقاظه.
وأوضحت الوزارة، أن الحفاظ على العضو يتطلب تخزينه في محلول بارد وزرعه خلال فترة لا تتجاوز 12 إلى 36 ساعة، بالإضافة إلى توافق دقيق في فصيلة الدم والأنسجة بين المتبرع والمتلقي، وهو ما لا يمكن لعصابات غير منظمة تحقيقه.
أما الادعاءات المتعلقة بخطف الأطفال وقتلهم لانتزاع أعضائهم، نفت وزارة الصحة، تلك الادعاءات، مشيرا إلى أن الحفاظ على الأعضاء يتطلب بيئة طبية مشددة لا تتوفر إلا في إطار مؤسسي رسمي.
تجارة الأعضاء الحقيقية
رغم وجود تجارة غير شرعية بالأعضاء على مستوى العالم، فإنها تختلف جذريا عن الروايات المنتشرة.
ووفق منظمة الصحة العالمية (WHO)، يعاني ملايين المرضى من نقص حاد في الأعضاء المتاحة للزرع، في حين أن المتبرعين الشرعيين محدودون.
هذا النقص يدفع بعض الأفراد، خصوصاً من الفئات الفقيرة، إلى بيع أعضائهم طوعاً تحت ضغوط اقتصادية.
وأوضحت تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) أن هذه التجارة غير الشرعية تقوم في الغالب على الخداع والإكراه، مثل إقناع اللاجئين والمهاجرين ببيع كُلاهم مقابل مبالغ زهيدة، لا على عمليات خطف وقتل كما تروج الشائعات.
دور وزارة الصحة والسكان في مواجهة الشائعات
منذ صدور قانون زرع الأعضاء رقم 5 لسنة 2010، الذي يجرّم الاتجار بالأعضاء ويعاقب عليه بالسجن المؤبد، وضعت وزارة الصحة نظاماً رقابياً صارماً للتأكد من نزاهة عمليات الزرع.
وتعاونت الوزارة مع منظمة الصحة العالمية في حملات توعية تشجع على التبرع الشرعي، وأطلقت في عام 2024 برنامجاً تدريبياً مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) للكشف عن حالات الاتجار بين المهاجرين، ما عزز قدرتها على حماية الفئات الأكثر عرضة للاستغلال.