رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

كيف يقود خفض الفائدة سفينة الاقتصاد المصري نحو مرافئ النمو المستدام؟

انتعاش مرتقب في قطاع
انتعاش مرتقب في قطاع الصناعة

​يمثل قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة انعطافة استراتيجية كبرى في مسار السياسة النقدية، وهو القرار الذي لم يكن مجرد إجراء مالي روتيني، بل جاء بمثابة رسالة ثقة مفعمة بالتفاؤل تعكس قراءة عميقة للمؤشرات الاقتصادية الكلية، وقدرة الدولة على كبح جماح التضخم والعبور بالاقتصاد من مرحلة الانكماش التحوطي إلى آفاق التوسع الإنتاجي الرحب، مما يضع القطاعات الحيوية أمام فرص تاريخية لإعادة تموضعها كقاطرات لنمو حقيقي وشامل.

الصناعة مستفيدة من خفض الفائدة 

​وتتصدر الصناعة الوطنية مشهد المستفيدين من هذا التحول الدراماتيكي، حيث يرى الخبراء والمستثمرون أن خفض تكلفة الاقتراض يمثل ضخاً مباشراً للدماء في عروق المصانع والمناطق الصناعية، لاسيما في ظل السعي الحثيث لزيادة تنافسية المنتج المصري وفتح أسواق تصديرية جديدة تتجاوز طموحاتها حاجز الخمسين مليار دولار. 

ويسهم تراجع الأعباء التمويلية في تحفيز الشركات على ضخ استثمارات رأسمالية لتطوير خطوط الإنتاج ورفع الطاقات التشغيلية، وهو ما ينعكس بالضرورة على خلق آلاف فرص العمل المستدامة للشباب، وتحويل التحديات العالمية التي عصفت بالأسواق مؤخراً إلى فرص ذهبية لتعميق التصنيع المحلي وتقليل الفاتورة الاستيرادية.

انتعاش مراقب في السوق العقاري 

​وفي سياق متصل، يبدو القطاع العقاري على أعتاب دورة انتعاش استثنائية، فمع تراجع بريق الشهادات الادخارية ذات العوائد المرتفعة، يتجه بوصلة المدخرين بشكل آلي نحو "العقار" باعتباره الملاذ الآمن والأكثر قدرة على حفظ القيمة ومواجهة التقلبات، الأمر الذي يمنح المطورين العقاريين، خاصة الصغار منهم، مرونة أكبر في تقديم تسهيلات سداد تمتد لسنوات أطول، مما يعزز من القوى الشرائية في السوق ويحفز حركة التشييد والبناء التي ترتبط بها مئات الصناعات التكميلية، مما يجعل من عام 2026 نقطة ارتكاز حقيقية لانطلاقة عمرانية جديدة مدفوعة بطلب حقيقي واستقرار نقدي ملموس.

تعظيم الحصيلة الضريبية بعد خفض الفائدة 

​ولا تتوقف ثمار هذا القرار عند حدود القطاعات الإنتاجية فحسب، بل تمتد لتشمل المنظومة المالية للدولة، حيث يؤدي انتعاش الحركة الاقتصادية وزيادة وتيرة البيع والشراء إلى تعظيم الحصيلة الضريبية بشكل غير مباشر، مما يمنح الموازنة العامة مرونة أكبر في الإنفاق الاجتماعي والتنموي. 

وهذا يؤكد أن التكامل بين السياسات النقدية والمالية قد أضحى حقيقة واقعة تهدف إلى بناء اقتصاد مرن قادر على امتصاص الصدمات الخارجية، ومستعد لجذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر التي تبحث دائماً عن بيئة تمويلية مستقرة ومحفزة، لتمضي مصر قدماً نحو تحقيق مستهدفات رؤيتها الاستراتيجية، متسلحة بإرادة الإصلاح وأدوات التحفيز التي تضمن استدامة الرخاء الاقتصادي.

تم نسخ الرابط