وزير التعليم يتحدى الصمت ويشعل معركة حماية الأطفال داخل المدارس
في توقيت تتصاعد فيه مخاوف أولياء الأمور بشأن سلامة أبنائهم داخل المدارس، خرج وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف، بتصريحات حاسمة أعادت التأكيد على أن ملف أمن الطلاب لم يعد مجرد شأن إداري، بل قضية تمس وجدان الدولة ومسؤوليها على أعلى المستويات. الوزير لم يتحدث بلغة الأرقام فقط، بل بلغة الأب والجد، كاشفًا عن شعور شخصي بالغ الانزعاج من حوادث الاعتداء التي شهدتها بعض المدارس مؤخرًا، مؤكدًا أن أي مساس بأمن الأطفال «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه أو التهاون فيه.
«أرى حفيدي أمامي».. البعد الإنساني في تصريحات الوزير
خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج «الصورة» المذاع على قناة «النهار»، أضفى وزير التعليم بعدًا إنسانيًا واضحًا على تصريحاته، حين أكد أن ما يحدث من اعتداءات، مهما كان محدودًا، يترك أثرًا بالغًا في نفسه. وقال الوزير:
«حفيدي عمره أربع سنوات، وكلما أرى حادثة أرى حفيدي أمامي»، في إشارة صريحة إلى أن القضية لا تُناقش من منظور وظيفي بحت، وإنما من زاوية إنسانية وأخلاقية، تجعل أي تقصير غير مقبول تحت أي مبرر.
حوادث فردية أم مؤشر خطر؟
ورغم حدة التصريحات، حرص وزير التربية والتعليم على وضع الأمور في سياقها الحقيقي، موضحًا أن حوادث الاعتداء التي تم رصدها خلال الفترة الماضية «فردية ومؤسفة للغاية»، ولا يمكن اعتبارها ظاهرة عامة، خاصة إذا ما قورنت بحجم المنظومة التعليمية في مصر.
وأشار الوزير إلى أن عدد المدارس على مستوى الجمهورية يقترب من 62 ألف مدرسة، مؤكدًا أن ما تم رصده لا يتجاوز ثلاث وقائع فقط، وهو ما يعكس من وجهة نظره أن المنظومة ليست مأزومة، لكنها تحتاج إلى يقظة دائمة وحزم كامل في التعامل مع أي تجاوز.
«أطفالنا فوق الجميع».. رسالة حاسمة بلا مواربة
الرسالة الأبرز في تصريحات الوزير جاءت واضحة وصريحة:
«غير مقبول تمامًا وتحت أي ظرف أن يقترب أي شخص مريض من أولادنا، وأولادنا فوق الجميع».
بهذه الكلمات، أغلق وزير التعليم الباب أمام أي محاولات للتبرير أو التخفيف من خطورة تلك الوقائع، مؤكدًا أن مرتكبي جرائم الاعتداء سيواجهون القانون دون أي تهاون أو مجاملة، وأن لا حماية لأي شخص يثبت تورطه، أيا كان موقعه أو صفته.
لا تستر ولا مجاملة.. القانون فوق الجميع
شدد الوزير على أن الدولة تتعامل مع هذا الملف بمنتهى الجدية، مشيرًا إلى أن القضاء سيأخذ مجراه الكامل في كل واقعة، دون تدخل أو ضغط.
وأكد أن الوزارة لا تتستر على أي تجاوز، بل تسعى لكشفه ومعالجته فورًا، حمايةً للطلاب، وصونًا لهيبة المؤسسة التعليمية.
تنسيق أمني وقضائي شامل
وفي إطار الإجراءات العملية، كشف وزير التربية والتعليم عن وجود تنسيق كامل ومستمر مع وزارتي الداخلية والعدل، للتعامل السريع والحاسم مع أي وقائع اعتداء داخل المدارس.
وأوضح أن هذا التنسيق يهدف إلى ضمان سرعة التحرك، وجمع الأدلة، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة، بما يحقق الردع العام، ويبعث برسالة واضحة بأن أمن الأطفال مسؤولية دولة بأكملها، وليس وزارة واحدة فقط.
17 قرارًا لضبط المنظومة التعليمية
ضمن خطوات الإصلاح والضبط، أعلن الوزير عن إصدار 17 قرارًا حاسمًا، وردت في كتاب دوري جرى تعميمه على جميع المدارس بمختلف المحافظات.
هذه القرارات، بحسب الوزير، تتضمن ضوابط واضحة للتعامل مع أي تجاوزات، وآليات دقيقة للإشراف والمتابعة، فضلًا عن تحديد مسؤوليات كل عنصر داخل المدرسة، من الإدارة وحتى الإشراف اليومي.
لجان متابعة تعمل بلا توقف
وأكد وزير التعليم أن لجان المتابعة لا تعمل بشكل موسمي أو شكلي، بل تتابع يوميًا وباستمرار تنفيذ القرارات داخل المدارس.
وأوضح أن هذه اللجان ترصد الأداء على أرض الواقع، وترفع تقارير فورية عن أي خلل أو تقصير، لضمان التدخل السريع قبل تفاقم المشكلات.
محاسبة المقصرين.. لا استثناءات
وفي رسالة لا تقل حدة عن حديثه عن الجناة، أكد الوزير أن التقصير الإداري أو الإشرافي داخل المدارس لن يمر دون حساب.
وقال بوضوح: «كل من قصّر في أداء واجبه تتم محاسبته فورًا»، مشددًا على أن الإجراءات لا تقتصر على التحقيق الإداري فقط، بل تمتد إلى المساءلة القانونية إذا استدعى الأمر، مؤكدًا أن أي خلل يمس أمن وسلامة الطلاب هو خطأ جسيم لا يُغتفر.



