رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

زلزال المعدن الأصفر.. أسعار الذهب اليوم تحطم الأرقام القياسية وتذهب للمجهول

أسعار الذهب اليوم
أسعار الذهب اليوم

​في مشهد مالي لم تشهده الأسواق العالمية منذ عقود، واصلت أسعار الذهب كتابة فصول ملحمته التاريخية مع إشراقة تعاملات اليوم الثلاثاء، محطماً الرقم القياسي الخمسين له خلال هذا العام الاستثنائي، حيث اندفعت أسعار الذهب الفورية لتخترق حاجز الـ 4480 دولاراً للأوقية.

صعود جنوني في أسعار الذهب 

يأتي هذا وسط حالة من الذهول سيطرت على قاعات التداول، مدفوعةً بموجة من القلق الجيوسياسي المتصاعد الذي يتغذى على التوترات المتفاقمة بين واشنطن وكاراكاس، مما جعل المستثمرين يهرعون للاحتماء ببريق الذهب الذي أثبت مجدداً أنه الملاذ الوحيد الصامد في وجه العواصف السياسية والاقتصادية المتقلبة.

لماذا ارتفعت أسعار الذهب من جديد؟ 

​هذا الانفجار السعري لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج تلاقي مسارات معقدة من التوقعات النقدية والتحولات الهيكلية في النظام المالي العالمي، إذ يتأهب المتداولون لقرار وشيك من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض تكاليف الاقتراض، مما يخلق بيئة خصبة لنمو الأصول التي لا تدر عوائد ثابتة ولكنها تحفظ القيمة. 

أسباب ارتفاع أسعار الذهب 

يأتي هذا في وقت أدت فيه سياسات إعادة تشكيل التجارة العالمية والضغوط على استقلالية البنك المركزي إلى تآكل الثقة في الأدوات المالية التقليدية، ليدفع "تضخم الديون السيادية" المستثمرين نحو ما يُعرف بـ "تجارة خفض قيمة العملة" كدرعٍ واقٍ ضد تآكل القوة الشرائية للعملات الكبرى التي باتت تعاني تحت وطأة الالتزامات المالية الضخمة.

​ولم يكن بريق الذهب وحده هو الذي خطف الأبصار، بل إن الفضة "المعدن الأبيض" قد سرقت الأضواء بأداء يفوق الوصف، محققة ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 140% منذ مطلع العام لتلامس مستوى 69.70 دولار، مستفيدة من اضطرابات سلاسل التوريد والشهية المفتوحة للمضاربين الذين استغلوا ضغط البيع التاريخي في أكتوبر الماضي لبناء مراكز استثمارية ضخمة.

وهذا الأمر شكل مشهد متكامل من الصعود الجماعي للمعادن الثمينة التي تتجه لتحقيق أفضل أداء سنوي لها منذ عام 1979، مدعومة بمشتريات البنوك المركزية التي لا تتوقف عن تكديس السبائك في خزائنها تحسبا لمستقبل يلفه الغموض والتحولات الجيوسياسية الكبرى.

​وبينما ترسم مؤسسات مالية كبرى مثل "جولدمان ساكس" سيناريوهات متفائلة ترى في مستوى 4900 دولار للأوقية مجرد محطة قادمة في عام 2026، يظل الذهب هو البوصلة التي توجه رؤوس الأموال في عالم يموج بالاضطرابات، حيث لم يعد مجرد وسيلة للادخار بل أصبح أداةً سياسية واقتصادية تعكس موازين القوى الجديدة، مما يجعل من قمة اليوم التاريخية مجرد مقدمة لعهد جديد قد تعيد فيه المعادن الثمينة تعريف مفهوم الثروة والأمان في القرن الحادي والعشرين.

تم نسخ الرابط