مأزق الرشوة يلاحق صاحب سيارات القرش.. ومناورات قانونية للنجاة
تقدم صاحب سيارات القرش باستئناف على الحكم الصادر ضده بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، في القضية المتهم فيها بتقديم رشوة، وذلك في محاولة قانونية للخروج من المأزق القضائي الذي يواجهه.
وكانت المحكمة قد أصدرت حكمًا بحبس المتهم على خلفية إدانته في قضية رشوة، قبل أن يبادر بتقديم الاستئناف وفقًا لمواد القانون، مطالبًا بإعادة النظر في الحكم الصادر بحقه.
ومن المقرر أن تنظر المحكمة المختصة جلسات الاستئناف خلال الفترة المقبلة، للفصل في الاستئناف المقدم، واتخاذ القرار القانوني المناسب في ضوء ما سيُعرض من دفوع ومستندات.
القصة بدأت في مساء ديسمبر الماضي من عام 2024، عندما جلس المهندس في مقهى صغير بدعوة من وليد، رجل يعمل في مكتب نائب المحافظ، ورافقته آية، فتاة شابة بدت متوترة رغم ابتسامتها الخفيفة، تحدثا أولًا عن إجراءات إدارية بسيطة، ثم انقلب الحديث فجأة، قالا له إن رجل أعمال يُدعى خالد القرش يريد “مساعدة صغيرة”.
لم تكن المساعدة سوى تراخيص مخالفة للقانون لعقار فاخر في حي راقي ومع الطلب، وضعا أمامه مبلغًا، أولًا 100 ألف جنيه، ثم 300 ألف.
كان المهندس ينظر إليهما وهو يشعر بأن قلبه يهبط تدريجيًا، لم يكن المال قليلًا، بل كان مبلغًا قادرًا على تغيير حياة أي شخص، لكنه كان يعرف أن قبوله سيغير شيئًا أهم.
قرار صعب.. لكنه واضح
عاد إلى منزله تلك الليلة منهكًا، نظر إلى أطفاله النائمين، وغطى ابنه الصغير ببطانيته، في تلك اللحظة، عرف أنه سيقول "لا" مهما كان الثمن.
وفي صباح اليوم التالي، حمل خوفه وقلقه وذهب إلى هيئة الرقابة الإدارية، لم يكن الأمر سهلاً، فالخوف من الانتقام، ومن تبعات المواجهة، كان يلاحقه، لكنه اختار الطريق الأصعب والأصح.
لقاءات تحت المراقبة
لقاءات في مقاهي، اتصالات متكررة، ووعود بمال أكثر وأكثر، ومع كل لقاء، كان المهندس يشعر بثقل داخلي، لكنه أيضًا كان يشعر بأنه يؤدي معركة صغيرة من أجل نزاهته.
وفي 27 يناير، داخل معرض السيارات اللامع الذي يملكه خالد، وضعت آية في يده مبلغ 50 ألف جنيه كدفعة أولى، كانت يدها ترتجف، وكأنه لم يكن هناك فاسدون، بل مجرد أناس ضاعت بهم الطرق.
خالد، رجل نجح في تجارته، لكنه أراد أن يبني أكثر مما يسمح به القانون، وليد، موظف حكومي فقد بوصلته، وآية، فتاة شابة دخلت دائرة أكبر منها، تظن أنها تساعد وتنجو، لم يكونوا شياطين، لكنهم تركوا أنفسهم للخطأ حتى صار جزءًا من يومهم.
في اليوم الذي قبضت فيه الرقابة الإدارية على المتهمين، شعر المهندس للمرة الأولى منذ أسابيع بأنه يستطيع التنفس، لم يكن بطلاً خارقًا، بل مواطنًا اختار ألا يخون ضميره، بعد شهور، وقفت المحكمة لتقول كلمتها: السجن المشدد 5 سنوات للمتهمين الثلاثة، ومصادرة الأموال.
كما أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها على خالد.ا. صاحب معرض سيارات القرش، في اتهامه برشوة مالية.
وكشفت الحيثيات، أنه بعد الاطلاع على الأوراق، وما تم فيها من تحقيقات، وسماع المرافعات، وثبوت حضور المتهمين، خلصت المحكمة إلى الآتي: أولًا: عن ثبوت الواقعة، استقر في يقين المحكمة، واطمأن وجدانها، إلى أن المتهمين: خالد القرش (صاحب شركة سيارات القرش)، ووليد س (مدير مكتب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية)، وآية م، قد ارتكبوا الوقائع المسندة إليهم، وذلك من خلال ما تضمنته التحقيقات من أدلة ثابتة ومتساندة، جاءت متآلفة يعزز بعضها بعضًا.
وقد جاء بلاغ مهندس التنظيم بحي شرق مدينة نصر – وهو شاهد الإثبات الأول – مطابقًا تمامًا لما أسفرت عنه تحريات هيئة الرقابة الإدارية وإجراءاتها اللاحقة، والتي باشرتها بعد إبلاغه بالعرض الذي قُدم إليه من المتهمين.
وقائع عرض الرشوة
ثبت للمحكمة أنه في ديسمبر 2024 تواصل المتهم وليد سمير مع مهندس التنظيم هاتفيًا في ظاهر الأمر بشأن عمل إداري عادي، ثم طلب لقاءه بأحد المقاهي، مصطحبًا المتهمة آية. م، حيث كشفا له صراحة عن رغبة المتهم خالد القرش في الحصول على تراخيص مخالفة للقانون تسمح بزيادة المساحة البنائية في واجهة عقار يملكه بشارع سيد الميرغني بأرض الجولف.
وتبين للمحكمة أن المتهمين لم يكتفوا بمجرد الإيحاء، بل عرضوا مبلغ رشوة ابتدائي قدره 100 ألف جنيه، ثم رفعوه إلى 300 ألف جنيه مقابل إصدار رخصتين: واحدة للترميم، وأخرى لتعديل الواجهة لإخفاء البروز المخالف خلف سياج مؤقت.




