الفيدرالي يهزّ الأسواق: قرار خفض الفائدة يربك المستثمرين ويكشف انقساماً تاريخياً داخل البنك المركزي
يشعل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المشهد الاقتصادي العالمي بعد إعلانه خفض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثالثة خلال أشهر، في خطوة تعكس توجهاً واضحاً نحو تيسير السياسة النقدية رغم استمرار الضبابية المحيطة بمسار التضخم وآفاق النمو.
ويأتي القرار وسط انقسام داخلي لافت بين أعضاء لجنة السياسة النقدية، ما يزيد من حساسية المرحلة التي يمر بها اقتصاد الولايات المتحدة.
خفض جديد يعزز مسار التيسير النقدي
يسجل الاحتياطي الفيدرالي خفضاً للفائدة إلى نطاق يتراوح بين 3.50% و3.75%، ليواصل سلسلة التيسير التي بدأها بعد أشهر طويلة من تثبيت الفائدة عند مستويات مرتفعة.
ويؤكد البنك المركزي أن هذه الخطوة تأتي استجابةً لظروف اقتصادية تتطلب دعماً أكبر للنشاط، خاصة مع تباطؤ مؤشرات النمو واحتفاظ التضخم بزخمه.
تصويت لجنة السياسة النقدية كشف انقساماً واضحاً؛ ثلاثة من أصل 12 عضواً رفضوا القرار، حيث عارض اثنان مبدأ الخفض بالكامل بينما طالب الثالث بخفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس".
تضخم متذبذب وغموض متصاعد
يشير بيان الفيدرالي إلى أن التضخم عاد للارتفاع مقارنة ببداية العام ولا يزال عند مستويات مرتفعة إلى حد ما، بحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز".
ويرى البنك أن حالة الغموض بشأن المسار الاقتصادي لا تزال كبيرة، ما يجعل تحديد الإيقاع المناسب لخفض الفائدة تحدياً معقداً.
تطورات الأشهر السابقة تعكس هذا الارتباك؛ فبعد فترة امتدت من يناير إلى يوليو شهدت تثبيتاً حاداً للفائدة عند مستوى 4.50%، عاد البنك إلى نهج الخفض في اجتماعات سبتمبر وأكتوبر، وها هو يواصل المسار ذاته للمرة الثالثة على التوالي.
تسعير الأسواق يكشف توقعات قوية بالخفض
ترقب الأسواق للقرار كان عالياً، حيث أظهرت البيانات أن 87.6% من المتعاملين رجّحوا خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مقابل 12.4% توقعوا التثبيت.
هذا التوجه يعكس استعداد الأسواق لمرحلة جديدة من التيسير قد تمتد لسنوات.
كما كشف الفيدرالي عن توقعات تشير إلى خفض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس في عامي 2026 و2027، بما يعزز رؤية انتقال الاقتصاد نحو بيئة فائدة أقل تكلفة.
جلسة باول.. كلمة تنتظرها الأسواق
تتجه الأنظار نحو تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في ظل انقسام حاد داخل اللجنة ووضوح تأثيره على مسار السياسة النقدية.
وتترقب الأسواق أيضاً تحديث الرسم البياني Dot Plot والتوقعات الاقتصادية، والتي ستحدد ملامح المسار المستقبلي للفائدة الأميركية خلال السنوات المقبلة



