لماذا تستقر أسعار النفط العالمية عند 60 دولارًا رغم التوترات الجيوسياسية؟
تشهد أسواق النفط العالمية واحدة من أكثر الفترات تقلباً وتداخلاً بين العوامل السياسية والاقتصادية، ورغم أن الأجواء الدولية توحي بارتفاعات حادة في الأسعار بفعل النزاعات والتوترات الجيوسياسية، فإن السوق فاجأ الجميع بحالة من الاستقرار النسبي حول مستوى 60 دولاراً للبرميل.
عوامل متناقضة تحكم السوق
قال خبير النفط محمد الشطي إن أسواق النفط تتحرك اليوم في مساحة حرجة تجمع بين ضغوط وفرة الإمدادات ومخاوف نقصها، حيث إن تعثر المحادثات بين روسيا وأوكرانيا يزيد القلق من اضطرابات مفاجئة في الإمدادات، بينما تساهم الزيادة الجيدة في الإنتاج العالمي في كبح أي موجة صعود حادة، ومع كل تطور سياسي أو عسكري، تتأرجح الأسعار بشكل لحظي، قبل أن تعود سريعاً إلى نطاقها التقليدي.
وأضاف الشطي، أن أي إشارة عن تقدم المفاوضات بين موسكو والعواصم الغربية تعيد للسوق توقعات بزيادة المعروض، مما ينعكس تلقائياً على الأسعار بالهبوط، وفي الوقت نفسه لا يزال الطلب العالمي ينمو بنحو مليون برميل يومياً سنوياً، مما يمنح السوق دعامة أساسية تمنع حدوث انهيارات حادة.

دور العوامل الجيوسياسية
ووصف الشطي العوامل الجيوسياسية بأنها "القلب النابض" للسوق حالياً، فمع كل تهديد أو أزمة، تتجه الأسعار للارتفاع، بينما يؤدي أي انفراج سياسي إلى ضغوط هبوطية سريعة، ورغم تشديد العقوبات على روسيا وتعقّد الوضع في فنزويلا، فإن الإمدادات لم تتعرض لاضطراب حقيقي حتى الآن، وهو ما يفسّر حالة الثبات النسبي حول سعر 60 دولاراً.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تلعب دوراً في ضبط الإيقاع، فرغبتها في الإبقاء على الأسعار قرب 50 دولاراً تمنع حدوث قفزات غير مرغوبة، وهو ما يظهر في سياساتها المعلنة ورسائلها الموجهة إلى السوق.

لماذا تستقر الأسعار عند 60 دولارًا؟
وبحسب الشطي، تعد منطقة 60 دولاراً حاجزاً فنياً وسوقياً تتقاطع عنده مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، ورغم أن الأسعار وصلت إلى 85 دولاراً في بداية 2025 قبل أن تتراجع لاحقاً إلى 70 ثم 60، فإن السوق أظهرت قدرة مستمرة على العودة إلى هذا المستوى الذي يوفر "راحة نسبية" لجميع الأطراف.
وتوقع الشطي أن تستمر الأسعار داخل نطاق 60 و65 دولاراً حتى عامي 2026 و2027، وهو ما تعكسه بالفعل تعاملات العقود الآجلة لخام برنت.

إمدادات فنزويلا
وحول مستقبل إمدادات فنزويلا التي تنتج حالياً نحو 1.1 مليون برميل يومياً، أوضح الشطي أنه لا يرى تهديدات جدية لها في الوقت الراهن، مؤكداً أن أي استهداف أو توقف في الإنتاج سيقود لارتفاعات كبيرة في الأسعار، وهو ما لا ترغب به القوى الدولية، مما يعزز الاستقرار النسبي في السوق.





