الكرملين يفجّر الجدل: موسكو تعلن رغبتها بالسلام وتصف زيلينسكي بـ"غير الشرعي"
تشهد الساحة السياسية الدولية تطوراً مفاجئاً بعد إعلان الكرملين تسلم الخطة الأميركية المعدلة بشأن المفاوضات بين موسكو وكييف، بالتزامن مع تصريحات لافتة تشكك في شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس يشهد حراكاً دبلوماسياً مكثفاً لإحياء مسار السلام، وسط ضغوط دولية لإعادة الاستقرار إلى المشهد الأوروبي المشتعل منذ بدء العملية العسكرية الروسية.
موسكو تتسلم الخطة الأميركية وتحدد موعد النقاش
كشف دميتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين، عن تلقي موسكو الخطة المعدلة التي قدمتها واشنطن عقب مشاوراتها مع الوفد الأوكراني في جنيف.
أكد خلال إحاطة إعلامية أن "المعايير الرئيسية تم تسليمها بالفعل، وستتم مناقشتها في موسكو الأسبوع المقبل".
جاء هذا التأكيد ليعيد الأضواء إلى مسار المحادثات غير المعلنة التي تقودها الولايات المتحدة في محاولة لتقريب وجهات النظر وفتح الباب أمام اتفاق تسوية، رغم تعقد الملفات المتعلقة بالحدود والضمانات الأمنية.
الكرملين ورغبة معلنة بالسلام رغم التشكيك في شرعية زيلينسكي
أطلق بيسكوف تصريحاً لافتاً عندما قال: "نريد التحرك نحو السلام رغم اعتقادنا بأن زيلينسكي رئيس غير شرعي".
شكل هذا التصريح محور اهتمام واسع، خصوصاً أنه يأتي بعد أشهر من الجدل حول امتناع كييف عن إجراء انتخابات رئاسية في ظل ظروف الحرب.
أشار بيسكوف إلى أن أزمة الشرعية في أوكرانيا ليست موقفاً روسياً فقط، بل "واقعاً يواجهه زيلينسكي بسبب عدم رغبته في إجراء انتخابات والالتزام بالدستور".
شدد على أن الرغبة الدولية في عودة المسار السلمي ما تزال قائمة رغم هذه الإشكالات.
الكرملين.. ملف الأراضي يعود إلى واجهة التفاوض
تناول بيسكوف جانباً أكثر حساسية حين تحدث عن "الواقع الإقليمي الجديد" الذي نشأ بعد العملية العسكرية، مؤكداً أن الاعتراف بهذا الواقع لن يأتي عبر تصريحات منفردة، بل ضمن عملية تفاوضية شاملة تحددها الأطراف المنخرطة في المحادثات.
جاء حديثه تعليقاً على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي أكد فيها "الاستحالة القانونية للتوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا حالياً دون اعتراف دولي بوضع الأراضي".
أوضح بيسكوف أن هذه النقطة ستشكل أحد أعمدة النقاش خلال المفاوضات، إلى جانب "التفاصيل الدقيقة" المتعلقة بحدود الاتفاق وآلياته.
اللاعبون الدوليون بين ضغوط الحرب ورغبة التسوية
يتزامن هذا التطور مع تزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، وسط قناعة متنامية بأن استمرار الصراع يهدد الأمن الأوروبي ويرهق الاقتصاد العالمي.
يرى مراقبون أن تسلّم موسكو الخطة الأميركية يشكل إشارة على تحرك جديد قد يفتح باباً ضيقاً نحو مسار تفاوضي، رغم استمرار الخلافات الجوهرية حول السيادة والشرعية.
تشير دوائر دبلوماسية إلى أن النقاشات المقبلة قد تتطلب تدخلاً أوسع من الاتحاد الأوروبي والصين ودول أخرى تعمل كوسطاء غير معلنين.
ومع ذلك، يبقى الخلاف حول وضع زيلينسكي القانوني واحداً من العقد الأساسية التي قد تعرقل تقدم المفاوضات إن لم تُعالَج بآلية توافقية.
آفاق ضبابية وخطوات مرتقبة
يترك التصعيد الخطابي من جانب موسكو، إلى جانب الانفتاح النسبي على الخطة الأميركية، علامات استفهام حول المسار القادم.
تجمع أغلب التقييمات أن الأيام المقبلة ستكشف حجم استعداد الطرفين للجلوس على طاولة واحدة، خصوصاً إذا بدأ النقاش الفعلي في موسكو كما أعلن بيسكوف.
يبقى مستقبل المفاوضات مرهوناً بقدرة الأطراف الدولية على إدارة الخلافات القانونية والسياسية المعقدة، في ظل رغبة معلنة ولو حذرة في الوصول إلى صيغة توقف الحرب وتعيد رسم التوازنات في المنطقة.

