جلوس طويل وحياة بلا حركة.. أسباب زيادة معدلات آلام الظهر لدى الشباب
لم تعد مشكلات الانزلاق الغضروفي وعرق النسا حكرًا على كبار السن كما كان شائعًا في الماضي؛ فخلال السنوات الأخيرة شهدت العيادات المتخصصة ارتفاعًا ملحوظًا في نسب الإصابة بين الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.
كما أصبحت آلام الظهر والساق واضطرابات الأعصاب من أكثر الشكاوى شيوعًا بين هذه الفئة، في مؤشر واضح على أن نمط الحياة العصري، وقلة الحركة، والجلوس لساعات طويلة باتت عوامل مؤثرة تضاعف من هذه الإصابات.
يشرح الدكتور شوبيت بهاردواج، استشاري أول ورئيس قسم جراحة العظام أسباب هذا الارتفاع الحاد في الحالات، وطرق الوقاية والعلاج.
ما هو الانزلاق الغضروفي وعرق النسا؟
بحسب ما تشير إليه منظمة الصحة المستنيرة ومعاهد علمية ألمانية، فإن آلام الظهر المتكررة مشكلة شائعة يصعب تحديد سببها دائمًا، إلا أن وجود ألم يمتد إلى الساق يُعد علامة رئيسية على الانزلاق الغضروفي، خاصةً إذا كان منشؤه في منطقة أسفل الظهر، كونه السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بعرق النسا.
ويمتد العصب الوركي أطول أعصاب الجسم من أسفل الظهر حتى الساقين، وأي ضغط أو خلل في وظيفته يؤدي إلى آلام قد تكون شديدة، مصحوبة بوخز أو تنميل.
ويشرح الدكتور بهاردواج قائلاً:"يحدث الانزلاق الغضروفي عندما تتحرك المادة اللينة بين فقرات العمود الفقري من مكانها الطبيعي، فتضغط على الأعصاب المجاورة. وعندما يتأثر العصب الوركي، يكون الألم ممتدًا أسفل الساق فيما يُعرف بعرق النسا".
لماذا ترتفع معدلات الإصابة بالإنزلاق الغضروفي بين الشباب؟
يرجع الدكتور بهاردواج هذا التزايد إلى مجموعة من العوامل المرتبطة مباشرة بالحياة العصرية، أبرزها:
1. الجلوس الطويل ووضعية الجسم السيئة
يقضي الشباب ساعات طويلة أمام الكمبيوتر أو الهاتف المحمول في وضعيات خاطئة تضعف عضلات الظهر، وتزيد الضغط على العمود الفقري.
كما أن الجلوس المتواصل دون فواصل حركة قصيرة يضاعف من خطر الإصابة.
2. عادات التمرين الخاطئة
غياب النشاط البدني لدى البعض يقابله لدى آخرين ممارسة رياضات مكثفة أو رفع أوزان ثقيلة فجأة دون تدريب مناسب أو تقوية عضلات الجذع، ما يؤدي إلى إصابات مباشرة في الظهر.
3. الوزن الزائد والتوتر
زيادة الوزن تُحمّل العمود الفقري ضغطًا إضافيًا، فيما يسبب التوتر الشديد تصلبًا في عضلات الظهر، الأمر الذي يزيد من احتمالية حدوث إصابات.
4. عوامل أخرى مساعدة
تشمل ساعات القيادة الطويلة، وضعيات النوم غير الصحية، والجفاف، التي جميعها تشكل محفزات إضافية تضر بصحة العمود الفقري.
كيف يمكن الوقاية؟
يشدد الدكتور بهاردواج على أن الوقاية تبدأ من نمط الحياة، وأن أغلب هذه الحالات يمكن تجنبها من خلال خطوات بسيطة تشمل:
النشاط البدني اليومي عبر التمدد، اليوغا، المشي، والتمارين الخفيفة للحفاظ على مرونة العمود الفقري.
تصحيح وضعية الجلوس وأخذ استراحات قصيرة كل ساعة، وتوفير بيئة عمل مريحة.
مراجعة الطبيب مبكرًا عند الشعور بألم أو خدر أو وخز في الظهر أو الساقين لتجنب تفاقم الحالة.
الارتفاع اللافت في إصابات الانزلاق الغضروفي وعرق النسا بين الشباب يمثل جرس إنذار مهمًا يستدعي مراجعة أسلوب الحياة اليومي.
الحفاظ على العمود الفقري لا يتطلب معجزات؛ بل يعتمد على خطوات بسيطة مثل الحركة المنتظمة، الجلوس السليم، وتجنب الإجهاد المستمر.
ومع العلاج المناسب والعلاج الطبيعي وتصحيح وضعيات الجسم، يمكن علاج غالبية الحالات دون الحاجة إلى تدخل جراحي.



