رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

إسرائيل تضغط لاتفاق أمني تاريخي مع واشنطن وسط فتور شعبي وتراجع نفوذها في أمريكا

إسرائيل تسعى لاتفاق
إسرائيل تسعى لاتفاق أمني مع واشنطن

تسابق إسرائيل الزمن لإبرام اتفاق أمني جديد مع الولايات المتحدة يمتد لعشرين عامًا، في خطوة تُعد الأطول بتاريخ العلاقات بين الجانبين، وسط تراجع واضح لشعبيتها داخل واشنطن وتصاعد الأصوات المعارضة للمساعدات الخارجية في أوساط الحزب الجمهوري.

إسرائيل تتحرك لضمان دعم إدارة ترامب

تعمل الحكومة الإسرائيلية على دفع مفاوضات اتفاق أمني جديد مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، وفق ما كشفت مصادر إسرائيلية وأمريكية لموقع "أكسيوس". 

الاتفاق المقترح يمتد لعقدين كاملين، أي ضعف المدة التقليدية، ويتضمن بنودًا مصممة لتتوافق مع شعار ترامب الشهير "أميركا أولاً"، في محاولة لتأمين استمرار الدعم المالي والعسكري رغم التحولات السياسية داخل الولايات المتحدة.

تأتي هذه الخطوة بينما تواجه إسرائيل انتقادات غير مسبوقة لسلوكها في غزة، وتراجعًا في نفوذها لدى صانعي القرار في واشنطن. 

تصاعد الغضب الشعبي الأمريكي من المساعدات الخارجية جعل المفاوضات أكثر تعقيدًا، خاصة مع توجه تيار "ماجا" الداعم لترامب نحو تقليص الدعم الموجه للدول الأجنبية.

اتفاق جديد بملامح قديمة وسط معارضة داخلية

مذكرة التفاهم الحالية، الموقعة عام 2016 في عهد باراك أوباما، تمنح إسرائيل مساعدات عسكرية سنوية تبلغ نحو 4 مليارات دولار، وتنتهي رسميًا عام 2028. 

وتطمح تل أبيب إلى تمديد هذا الدعم وربما زيادته في الاتفاق الجديد، 

لكن تمرير الصفقة الجديدة يبدو أكثر صعوبة، مع تصاعد الإحباط من أداء إسرائيل حتى بين الجمهوريين التقليديين.

مصادر مطلعة أشارت إلى أن المفاوضات تسير ببطء شديد، بسبب تعقيدات سياسية وتقنية، أبرزها المعارضة داخل الكونجرس لتمويلات خارجية ضخمة، إضافة إلى الانتقادات المتزايدة لأداء إسرائيل في حرب غزة. 

وتاريخيًا، حصلت إسرائيل على ثلاث اتفاقات مماثلة تمتد لعشر سنوات: الأول عام 1998 بقيمة 21.3 مليار دولار، والثاني عام 2008 بقيمة 32 مليار دولار، والثالث عام 2016 بقيمة 38 مليار دولار.

تصريحات ترامب تعكس تغيّر المزاج الأمريكي

تصريح ترامب خلال لقائه بنيامين نتنياهو في أبريل الماضي كان لافتًا حين قال: “نمنح إسرائيل 4 مليارات دولار سنويًا… هذا كثير، مبروك، بالمناسبة. نحن نعطي إسرائيل مليارات الدولارات سنويًا، مليارات”.
العبارة حملت نبرة نقدية توحي برغبة الرئيس في إعادة صياغة العلاقة المالية والأمنية بما يخدم المصالح الأمريكية بشكل أوضح. 

داخل القاعدة الجمهورية، تتزايد المطالب بضرورة أن تحقق المساعدات مكاسب مباشرة للولايات المتحدة، وليس مجرد التزام استراتيجي تجاه حليف تقليدي.

الحرب في غزة تؤخر التفاهمات

مصادر إسرائيلية وأمريكية أكدت أن الحرب في غزة تسببت في تجميد المفاوضات لعدة أشهر، لكنها استؤنفت مؤخرًا بوتيرة بطيئة. 

الجانب الإسرائيلي قدّم مقترحين جديدين، أحدهما تمديد الاتفاق إلى عشرين عامًا ليغطي حتى عام 2048، تزامنًا مع الذكرى المئوية لاستقلال إسرائيل.

المقترح الثاني يقضي بتخصيص جزء من التمويل لأبحاث مشتركة بين الجانبين في مجالات التكنولوجيا الدفاعية، الذكاء الاصطناعي العسكري، وتطوير منظومة "القبة الذهبية"، بدلًا من الاكتفاء بالمساعدات العسكرية المباشرة كما في الاتفاقات السابقة.

صيغة جديدة بشعار "أميركا أولاً"

الفكرة الجديدة تحاول التكيف مع أولويات ترامب الاقتصادية والسياسية، إذ تُقدم كصفقة رابحة للطرفين. 

فهي تضمن استفادة مباشرة للمؤسسات البحثية والعسكرية الأمريكية، وليس لإسرائيل فقط.

مسؤول إسرائيلي صرّح بأن هذه أفكار خارج الصندوق، نريد تغيير نمط الاتفاقات السابقة وتعزيز التعاون الأمريكي الإسرائيلي، الأمريكيون يحبون هذه الفكرة."

هذه المقاربة تهدف لتقليل الانتقادات الداخلية في الولايات المتحدة، عبر تحويل المساعدات إلى مشاريع مشتركة تُظهر استفادة ملموسة للاقتصاد الأمريكي. 

ورغم ذلك، تبقى المفاوضات حساسة في ظل المزاج الشعبي المتقلب تجاه إسرائيل، والجدل المستمر حول حجم الإنفاق الخارجي.

صمت البيت الأبيض يثير التساؤلات

البيت الأبيض رفض التعليق على المفاوضات الجارية، ما يعكس حساسية الملف داخل الإدارة الأمريكية. 

ويعتقد مراقبون أن واشنطن تتريث في إعلان أي التزامات جديدة قبل اتضاح موازين القوى داخل الكونجرس ومعرفة توجهات الرأي العام الأمريكي، خاصة مع اقتراب الانتخابات المقبلة.

في نهاية المطاف، تبدو إسرائيل أمام معادلة معقدة: رغبة جامحة في تثبيت دعم واشنطن لعشرين عامًا إضافية، مقابل واقع أمريكي متغير يعيد تعريف مفهوم الحليف والشراكة الأمنية.

اتفاق 2048 إن تحقق قد يكون الأضخم في تاريخ العلاقات بين البلدين، لكنه أيضًا الأصعب في تمريره سياسيًا.

تم نسخ الرابط