تصعيد قانوني يفجّر غضب تل أبيب.. إسرائيل تهاجم مذكرات التوقيف التركية وتصفها بـ"الخدعة الدعائية"
تصاعدت المواجهة السياسية والقانونية بين تركيا وإسرائيل إلى مستوى غير مسبوق عقب إصدار القضاء التركي مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين رفيعين بتهم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في غزة.
ردود إسرائيل جاءت غاضبة وسريعة، مع اتهامات مباشرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخوض "حرب دعائية" جديدة، بينما تؤكد النيابة التركية أن قراراتها تستند إلى أدلة واسعة وتحقيقات متعددة الجوانب.
مشهد يعيد رسم خطوط الصراع الإقليمي ويضع العلاقات بين البلدين على حافة قطيعة جديدة.
أنقرة تفجّر ملفاً قانونياً دولياً ضد القيادة الإسرائيلية
أصدرت النيابة العامة في إسطنبول مذكرات توقيف تطال 37 مشتبهًا بهم من كبار المسؤولين الإسرائيليين، وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وقائد الأركان إيال زمير، وقائد البحرية دافيد ساعر سلامه.
أكدت النيابة أنّ التهم تشمل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وفق المادتين 76 و77 من قانون العقوبات التركي، مستندة إلى المادة 15 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
الوقائع الميدانية تشكل أساس الاتهامات التركية
استعرضت النيابة تفاصيل واسعة قالت إنها تثبت نمطاً منهجياً في الاستهداف، من بينها:
مقتل الطفلة هند رجب (6 أعوام) في 29 يناير 2024.
قصف مستشفى الأهلي المعمداني في أكتوبر 2023 وسقوط 500 قتيل.
تخريب معدات طبية في فبراير 2024.
قصف مستشفى الصداقة التركي–الفلسطيني في مارس 2025.
استهداف مؤسسات صحية ومنع المساعدات الإنسانية.
كما أشارت إلى فتح تحقيق مستقل في الهجوم على أسطول الصمود العالمي أثناء توجهه بحراً إلى غزة، مؤكدة أنّ الهجوم وقع في المياه الدولية بما يخالف اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأن ضحايا الأسطول وصلوا إلى إسطنبول في أكتوبر 2025 حيث تم فحصهم وسماع إفاداتهم.
تل أبيب تهاجم أردوغان وتصف قراراته بأنها مسرحية سياسية
جاء الرد الإسرائيلي سريعاً وحاداً، كتب وزير الخارجية جدعون ساعر على منصة X: "إسرائيل ترفض بشدّة وازدراء الخدعة الدعائية الأخيرة للطاغية أردوغان".
كما أعلن أفيجدور ليبرمان أن أوامر الاعتقال تثبت حسب وصفه"استحالة وجود دور تركي مباشر أو غير مباشر في غزة".
التصريحات كشفت عمق التوتر المتسع بين الطرفين، خصوصاً بعد رفض إسرائيل القاطع لأي مشاركة تركية في قوة مراقبة وقف إطلاق النار ضمن الخطة الأميركية.
الخلاف يتصاعد مع رفض إسرائيلي لمشاركة القوات التركية في غزة
جدد نتنياهو الأسبوع الماضي رفضه مشاركة قوات تركية في مهام الرقابة داخل القطاع، رغم تأكيد أنقرة استعدادها للعمل عسكرياً أو مدنياً في إطار القوة الدولية المقترحة.
تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ بداية حرب غزة، رغم أنهما شهدا سابقاً مراحل تقارب لافتة.
تحوّلت سوريا، التي تشترك بحدود مع الطرفين، إلى مسرح إضافي لاحتكاك المصالح، ما ضاعف حدة الصراع السياسي بين أنقرة وتل أبيب في الأشهر الأخيرة.
تداعيات محتملة تزيد المشهد الإقليمي تعقيداً
يشير محللون إلى أنّ المذكرات التركية قد تشكّل سابقة قانونية تؤثر في المسارات الدولية المتعلقة بمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة، رغم أن تطبيقها على الأرض يظل معقداً بسبب غياب اتفاقيات تسليم المطلوبين بين البلدين.
ورغم ذلك، فإنّ الخطوة التركية تحمل رمزية سياسية قوية وتضع القيادة الإسرائيلية تحت ضغط إضافي في الساحة الإقليمية والدولية.



