دراسة تكشف: اللحوم الملوثة قد تكون وراء التهابات المسالك البولية المتكررة
يعد التهاب المسالك البولية أحد أكثر أنواع العدوى شيوعًا، خصوصًا بين النساء، وغالبًا ما يبدأ الإحساس المزعج بالحرقان، يعقبه زيارة للطبيب، ثم جرعة من المضادات الحيوية التي تبدو في البداية وكأنها أنهت المشكلة. لكن، ما يلبث كثيرون أن يكتشفوا أن العدوى عادت مجددًا.
في حين اعتقد طويلًا أن أسباب هذه الالتهابات تعود إلى العوامل الوراثية أو النظافة الشخصية، تكشف أبحاث حديثة عن عامل آخر غير متوقع: الطعام، وتحديدا اللحوم التي نتناولها.
البكتيريا في الطعام
دراسة جديدة نشرت في مجلة mBio العلمية، وجدت ارتباطًا وثيقًا بين بعض حالات التهاب المسالك البولية وسلالات من بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli) الموجودة في لحوم السوبر ماركت.
أجريت الدراسة على مدى أربع سنوات في جنوب كاليفورنيا، حيث فحص الباحثون أكثر من 2300 حالة إصابة، واكتشفوا أن نحو 18% منها كانت مرتبطة وراثيًا بالبكتيريا نفسها الموجودة في لحوم نيئة تم شراؤها من المتاجر المحلية.
ووفقا للباحثين، فإن هذه النتائج تغير المفهوم السائد حول العدوى، إذ تشير إلى أن بعض التهابات المسالك البولية ليست ناتجة عن ممارسات النظافة أو البيئة، بل قد تكون أمراضًا منقولة بالغذاء تدخل الجسم من خلال اللحوم الملوثة التي لم تطهَ جيدًا.
الدجاج والديك الرومي ولحم البقر
قاد الدراسة البروفيسور لانس ب. برايس من جامعة جورج واشنطن، حيث قام الفريق بعزل عينات بكتيرية من مرضى ومن لحوم متنوعة تشمل الدجاج، والديك الرومي، ولحم البقر.
وأوضح الباحثون أن ضعف تطبيق معايير سلامة الغذاء وسوء النظافة أثناء تحضير الطعام قد يسهمان في انتقال هذه البكتيريا.
وقال برايس: "لا ينبغي أن يعتمد خطر إصابتك بالعدوى على الرمز البريدي الذي تسكن فيه، بل على مدى سلامة السلسلة الغذائية التي تصل إلى المائدة."
البكتيريا المألوفة التي تتحول إلى عدو
توجد بكتيريا الإشريكية القولونية بشكل طبيعي في أمعاء الإنسان والحيوان، وهي في الغالب غير ضارة، لكن بعض سلالاتها قد تسبب أمراضًا خطيرة إذا انتقلت إلى المسالك البولية.
ويحذر العلماء من أن تزايد مقاومة هذه البكتيريا للمضادات الحيوية يجعل علاجها أكثر تعقيدا، خاصة مع احتمال انتقالها عبر الأغذية، وهذا يفرض تحديات جديدة على أنظمة مراقبة إنتاج اللحوم واستخدام الأدوية في الماشية.
إنذار للصحة العامة
تشير هذه النتائج إلى ضرورة إعادة النظر في الطريقة التي تدار بها مكافحة العدوى، من خلال الجمع بين الطب السريري، وسلامة الأغذية، والسياسات البيئية في استراتيجية وقائية موحدة.
فالتهابات المسالك البولية تصيب ملايين الأشخاص سنويًا حول العالم، وأي مساهمة من مصدر غذائي قد تعني أن جزءًا من الحل يكمن في المطبخ، لا في العيادة فقط.
كيف تحمي نفسك؟
إلى أن تطبق سياسات أكثر صرامة في إنتاج الأغذية، يوصي الخبراء باتباع إجراءات بسيطة لكنها فعّالة للوقاية من العدوى:
غسل اليدين جيدًا بعد لمس اللحوم النيئة.
استخدام ألواح تقطيع وأوانٍ منفصلة للأطعمة النيئة والمطبوخة.
طهي اللحوم حتى تصل إلى درجات الحرارة الداخلية الآمنة.
تنظيف أسطح وأدوات المطبخ بالماء الساخن والمطهّرات بعد الاستخدام.
وخلص الباحثون إلى ان : "الخطوات الوقائية اليومية، مثل غسل اليدين والطهي السليم وتجنب التلوث المتبادل، لا تعد مجرد نصائح نظافة عامة، بل درعا واقيا من عدوى قد تبدأ من طبق الطعام وتنتهي في عيادة الطبيب."



