زملاء العمل السامون... خطر خفي يهدد الصحة النفسية والإنتاجية
من المفترض أن تكون أماكن العمل بيئةً للتعاون والنمو والإنتاجية، إلا أنها قد تتحوّل أحيانًا إلى مصدر توتر وضغط نفسي نتيجة التعامل مع زملاء عمل سامّين.
فبين النقد المستمر والنميمة والتلاعب والسلوك العدواني السلبي، يمكن لهؤلاء أن يقوّضوا المعنويات ويؤثروا في الصحة النفسية والعاطفية للآخرين.
زملاء العمل السامون
ويؤكد خبراء أن التعرّف المبكر على هذه الشخصيات والتعامل معها بحكمة هو مفتاح الحفاظ على بيئة عمل صحية ومتوازنة.
وقال الدكتور بهوميش تياجي، استشاري الطب العام إن الأشخاص السامين قد يتسببون في ضائقة عاطفية خطيرة قد تؤدي إلى القلق واضطرابات النوم، بل وحتى أمراض جسدية مثل ارتفاع ضغط الدم والصداع.
وأضاف: "من الضروري تحديد هذا السلوك في مراحله الأولى ووضع حدود واضحة لحماية راحة البال".
كيف تتعرّف على السلوك السام في مكان العمل؟
يشير الدكتور تياجي إلى أن سُمية بيئة العمل لا تكون دائمًا واضحة، إذ قد تختبئ أحيانًا تحت غطاء "التنافس" أو "المزاح". ومن أبرز العلامات التي تُنذر بوجود شخص سامّ:
السلبية المفرطة: الشكوى الدائمة وانتقاد الآخرين ولومهم.
السلوك التلاعبي: استخدام الذنب أو الإطراء أو الكذب لتحقيق مصالح شخصية.
انعدام المساءلة: رفض الاعتراف بالأخطاء وإلقاء اللوم على الآخرين.
النميمة والشائعات: إثارة الصراعات ونشر عدم الثقة داخل الفريق.
تقويض الجهود: سرقة الأفكار أو إحراج الزملاء أمام الآخرين.
ويحذّر الخبراء من الانخراط العاطفي في هذه التصرفات، لأن التجاوب معها يمنح الطرف السام مزيدًا من السيطرة والتأثير السلبي.
نصائح الخبراء للتعامل مع زملاء العمل السامّين
1. ضع حدودًا واضحة:
كن حازمًا ولطيفًا في الوقت نفسه، ولا تسمح لأحد باقتحام مساحتك الشخصية أو العاطفية. حافظ على طابع مهني في المحادثات، وتجنّب الإفصاح عن أمورك الخاصة.
2. تجنّب الدخول في الدراما:
الأشخاص السامّون يتغذّون على ردود الفعل. التزم الهدوء، ولا تشارك في المشاحنات أو الثرثرة. يقول الدكتور تياجي:
> "الهدوء دليل على النضج العاطفي، ويحرمهم من السيطرة التي يسعون إليها".
3. وثّق كل شيء:
إذا أثر السلوك السام في عملك أو سمعتك، احتفظ بسجلات مكتوبة من مراسلات أو ملاحظات يمكن الاستعانة بها عند الحاجة للإبلاغ عن الحادثة.
4. ابنِ نظام دعم:
تحدّث مع زملاء أو أصدقاء تثق بهم خارج العمل. الدعم الاجتماعي يمنحك توازنًا نفسيًا ويذكّرك بأنك لست وحدك في مواجهة السلوك السلبي.
5. استعن بالإدارة أو الموارد البشرية:
إذا تجاوز السلوك الحدود المهنية أو الأخلاقية، مثل التنمّر أو التحرّش، قدّم بلاغًا رسميًا مدعومًا بالأدلة والوقائع. التدخل المبكر يجنّب تفاقم الأزمة.
6. احمِ صحتك النفسية:
فترات طويلة من التوتر قد تؤدي إلى الإرهاق أو القلق المزمن. مارس التأمل أو الهوايات المفضلة، وخذ قسطًا كافيًا من الراحة. وإن استمر الوضع دون تحسّن، لا تتردد في التفكير بنقل القسم أو البحث عن بيئة عمل أفضل.
ثقافة العمل الصحية تبدأ من الفرد
صحيح أنك لا تستطيع التحكّم في تصرفات الآخرين، لكن يمكنك دائمًا التحكّم في ردود أفعالك.
الحفاظ على الهدوء، ووضع الحدود، والسعي للدعم، خطوات تضمن لك الاستمرار في بيئة عمل سلبية دون أن تخسر توازنك النفسي أو مهنيتك.
التعامل مع زملاء العمل السامّين يتطلّب وعيًا وحدودًا واضحة وقوة داخلية. لا تجعل تصرفاتهم تسرق طاقتك أو ثقتك بنفسك. وكما ينصح الخبراء: "ضع سلامة عقلك في المقام الأول، فالصحة النفسية أساس النجاح الحقيقي."



