باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

تاكائيتشي تصنع التاريخ: أول امرأة تتولى رئاسة وزراء اليابان وتعد بإحياء هيبة الأمة

تاكائيتشي: أول امرأة
تاكائيتشي: أول امرأة تتولى رئاسة وزراء اليابان

كتبت اليابان فصلاً جديداً في تاريخها السياسي مع انتخاب سانائيه تاكائيتشي كأول امرأة تتولى رئاسة الوزراء، في لحظة فارقة تعكس تحوّلاً عميقاً داخل الحزب الحاكم والمجتمع الياباني المحافظ. 

فوزها لم يكن مجرد حدث رمزي، بل خطوة تحمل في طياتها وعوداً بالتغيير وإشارات إلى مرحلة جديدة من التوازنات الداخلية والتحالفات الخارجية التي قد تعيد رسم خريطة القوة في رابع أكبر اقتصاد بالعالم.

انتصار تاريخي يبدّل المشهد السياسي

صعود تاكائيتشي إلى رئاسة الوزراء جاء بعد فوزها بزعامة الحزب الديمقراطي الليبرالي في السادس من أكتوبر الجاري، لتصبح أول امرأة تقود الحكومة اليابانية منذ تأسيس الدولة الحديثة. 

هذا الفوز أنهى مرحلة من الانقسامات الداخلية والأزمات البرلمانية التي هزت الحزب خلال السنوات الخمس الماضية، وجعلت اليابان تغيّر أربعة رؤساء وزراء في فترة وجيزة، ما عكس تراجع الاستقرار السياسي.
فوزها جاء بعد هزيمة سلفها شيجيرو إيشيبا الذي خسر الأغلبية في البرلمان، الأمر الذي فتح الباب أمام إعادة تشكيل التوازن داخل الحزب والدولة على حد سواء.

رؤية اقتصادية تواجه اختبار التضخم والديون

تتسلّم تاكائيتشي السلطة في وقت يواجه فيه الاقتصاد الياباني ضغوطاً متزايدة مع تراجع قيمة الين وارتفاع الأسعار لمستويات قياسية.

وتعد رئيسة الوزراء الجديدة بسياسات مالية توسعية تشمل خفض الضرائب المؤقتة على الوقود وإطلاق خصومات نقدية مباشرة للأسر محدودة الدخل.
لكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن هذه السياسات قد تفاقم حجم الدين العام الذي يتجاوز 260% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى بين الاقتصادات الكبرى.
تاكائيتشي تؤمن بنهج "أبينوميكس" الذي أطلقه الراحل شينزو آبي، وتعتبره الطريق الأمثل لتحفيز النمو. 

وهي تنتقد بشدة قرارات بنك اليابان برفع الفائدة، معتبرة أنها "تخنق الاقتصاد وتضعف الصادرات". 

غير أن محللين يشككون في قدرتها على الموازنة بين التحفيز المالي والحفاظ على ثقة المستثمرين في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.

سياسة خارجية حازمة وتحالف ثابت مع واشنطن

تاكائيتشي تتبنى موقفاً صارماً تجاه الصين وكوريا الشمالية، وتدعو إلى تعزيز القدرات الدفاعية اليابانية في مواجهة التهديدات الإقليمية.
وتؤكد تمسكها بالتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، لكنها لمّحت في تصريحات سابقة إلى رغبتها في إعادة التفاوض على اتفاق التجارة مع واشنطن البالغة قيمته 550 مليار دولار، وهو ما قد يثير توترات اقتصادية مؤقتة بين البلدين.
كما أعلنت دعمها لتوسيع التعاون مع كوريا الجنوبية والفلبين ضمن مبادرة "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة"، التي تهدف إلى موازنة النفوذ الصيني في المنطقة.

انقسامات داخلية وجدال حول قضايا الهوية والهجرة

ورغم كونها أول امرأة تصل إلى أعلى منصب في البلاد، لا تُعتبر تاكائيتشي نصيرة للحركات النسوية أو دعاة الإصلاح الاجتماعي. 

فهي ترفض تعديل القوانين الخاصة بالأسماء العائلية للأزواج، وتعارض توريث العرش الإمبراطوري من السلالة الأمومية.
كما تتبنى مواقف متشددة في ملف الهجرة، مؤكدة أن "اليابان يجب أن تحافظ على هويتها الثقافية"، ما قد يزيد من أزمة نقص العمالة في ظل شيخوخة السكان السريعة.

تحديات داخلية ومهمة شاقة لاستعادة الثقة

رئيسة الوزراء الجديدة تواجه إرثاً ثقيلاً من الأزمات، أبرزها فضيحة التمويل السياسي عام 2023 التي أطاحت برئيسي الوزراء السابقين فوميو كيشيدا وإيشيبا، وأدت إلى تراجع حاد في شعبية الحزب الديمقراطي الليبرالي.
اليوم، تجد تاكائيتشي نفسها أمام امتحان صعب لإعادة ثقة الشارع الياباني في الطبقة الحاكمة، وإثبات قدرتها على إنعاش الاقتصاد من دون إشعال أزمة مالية أو دبلوماسية.
ووصف محللون فوزها بأنه "معجزة سياسية"، كونها واحدة من 1% فقط من النساء داخل الحزب الحاكم، وتمكنت من الفوز بأصوات الأغلبية من المواطنين ونواب البرلمان، في إشارة إلى رغبة واضحة لدى اليابانيين في تجديد الدماء داخل الحزب الذي يسيطر على المشهد منذ سبعة عقود.

صعود سانائيه تاكائيتشي إلى قمة السلطة في طوكيو يرمز إلى لحظة فارقة في تاريخ اليابان المعاصر. 

فبين ضغوط الداخل وتحديات الخارج، تقف أول امرأة في رئاسة الحكومة أمام اختبار التاريخ: هل تنجح في إعادة اليابان إلى مسار الاستقرار والنهوض، أم تعيد البلاد إلى دوامة الاضطراب السياسي؟

تم نسخ الرابط