ما السبب وراء ألم المفاصل في العشرينات والثلاثينات من العمر؟

قد يعتقد الكثير من الشباب أن آلام المفاصل مجرد نتيجة للإرهاق أو الجلوس الخاطئ لساعات طويلة، لكن الحقيقة أن هذه الأعراض قد تكون إنذارا مبكرًا لالتهاب المفاصل الالتهابي وهو مرض مناعي ذاتي يمكن أن يصيب حتى من هم في العشرينات والثلاثينات من العمر.
تقول الدكتورة أرونا س. ماليبيدي، استشارية أولى لأمراض الروماتيزم إن كثيرًا من الشباب يتجاهلون التيبس الصباحي أو تورم المفاصل الخفيف باعتباره مجرد تعب، لكن استمرار هذه الأعراض قد يعني أن الجهاز المناعي بدأ بمهاجمة أنسجة المفاصل بحسب Onlymyhealth.
وتضيف: "الاكتشاف المبكر يمكن أن يحافظ على صحة المفاصل على المدى الطويل، فبمجرد أن يراجع المريض الطبيب، قد يكون التلف الصامت في المفصل قد بدأ بالفعل".
ما الفرق بين الألم العادي والتهاب المفاصل؟
يوضح الأطباء أن الألم الناتج عن الوضعية الخاطئة أو الاستخدام المفرط للمفصل يختلف عن الألم الالتهابي.
ففي الحالة الالتهابية، يهاجم الجهاز المناعي أنسجة المفصل، مما يؤدي إلى التورم والتيبس والألم حتى دون مجهود.
ومن أبرز العلامات المميزة لالتهاب المفاصل الالتهابي:
تصلب صباحي يستمر أكثر من 30 دقيقة.
تورم ودفء حول المفاصل، وأحيانًا احمرار واضح.
تأثر المفاصل الصغيرة مثل الأصابع والمعصمين والكاحلين.
شعور بالإرهاق العميق لا يزول بالراحة.
وجود هذه الأعراض، خاصة في سن مبكرة، يستدعي مراجعة الطبيب فورًا لإجراء فحوصات دقيقة.
الأسباب والعوامل المحفزة
بحسب الدكتور ماليبيدي، لا يوجد سبب واحد محدد للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، بل هو مزيج من العوامل الجينية والبيئية.
فالأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي قد يتأثرون بعوامل مثل التوتر المزمن، التدخين، التغيرات الهرمونية، أو بعض العدوى، مما يؤدي إلى تنشيط الجهاز المناعي بشكل غير طبيعي.
عندما يهاجم الجهاز المناعي بطانة المفصل (الغشاء الزليلي)، تتطور الحالة إلى التهاب مزمن يسبب تلف الغضاريف والعظام بمرور الوقت.

التأخر في التشخيص... ثمنه غالي
يشير الأطباء إلى أن من أكبر العقبات التي تواجه المرضى الشباب هي الاعتقاد بأن التهاب المفاصل مرض يصيب كبار السن فقط.
هذه الفكرة الخاطئة تجعل الكثيرين يلجأون إلى المسكنات أو العلاج الطبيعي العام دون استشارة طبيب متخصص، ما يؤدي إلى تأخر التشخيص وتفاقم الضرر المفصلي.
لكن مع التطور الطبي الحالي، يمكن السيطرة على المرض إذا تم اكتشافه مبكرًا، إذ تسمح العلاجات الحديثة بإبطاء تقدم الالتهاب والحفاظ على الحركة الطبيعية للمفاصل.
العلاجات الحديثة: الأمل في السيطرة
تؤكد الدكتورة ماليبيدي أن بروتوكولات العلاج تطورت بشكل كبير وتشمل الآن:
الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية لتقليل الألم والتورم.
أدوية DMARDs (المعدلة لمسار المرض) التي تستهدف الخلل المناعي.
العلاجات البيولوجية التي تُوجَّه بدقة لمكونات معينة من الجهاز المناعي.
جلسات العلاج الطبيعي لتحسين المرونة والقوة العضلية.
تعديلات في نمط الحياة تشمل ممارسة الرياضة بانتظام، ونظامًا غذائيًا متوازنًا، وتقليل التوتر.
ويضيف الخبراء أن المراقبة المنتظمة ضرورية لتعديل العلاج بحسب استجابة المريض. ومع الالتزام بالعلاج، يمكن للمريض تحقيق هدأة طويلة الأمد والعيش حياة طبيعية تمامًا.
التشخيص المبكر مفتاح الوقاية
تنصح منظمة الصحة العالمية بضرورة الانتباه إلى آلام المفاصل في سن الشباب، إذ تُظهر الدراسات أن اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي ومنها التهاب المفاصل الروماتويدي قد تصيب مختلف الأعمار، وليست حكرًا على كبار السن.
ويؤكد الأطباء أن التشخيص المبكر يبدأ بإجراء فحوصات دم مثل:
عامل الروماتويد (RF)
الأجسام المضادة لـCCP
معدل الالتهاب (CRP وESR)
بالإضافة إلى الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي لتحديد مدى تأثير الالتهاب على المفاصل.
استمع إلى الجسد قبل فوات الأوان
قد يبدو ألم الظهر أو تيبس الأصابع أمرًا بسيطًا، لكنه أحيانًا إشارة مبكرة إلى خلل مناعي خطير.
إن تجاهل هذه العلامات قد يؤدي إلى فقدان دائم لوظيفة المفصل، بينما يمكن للعلاج المبكر أن يُحدث فرقًا هائلًا.
الرسالة الأهم هي عدم تجاهل ألم المفاصل في الشباب، الكشف المبكر، والاستشارة الطبية المتخصصة، والعلاج المناسب، كلها خطوات تمكن من حماية المفاصل، والحفاظ على الحياة النشطة، بعيدًا عن الألم والإعاقة.