رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

الإفتاء تحذر: 3 أوقات يجب أن يمتنع فيها الزوج عن العلاقة الخاصة بزوجته

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في زمنٍ تتسارع فيه الإيقاعات المادية وتضطرب فيه المفاهيم الإنسانية، تبقى العلاقة الزوجية واحدة من أكثر القضايا التي تحتاج إلى إعادة تأمل وفهم عميق في ضوء تعاليم الإسلام ومقاصده العليا فليست الحياة الزوجية مجرد علاقة جسدية أو شراكة مادية، بل هي ميثاق غليظ كما وصفه القرآن الكريم، يقوم على المودة والرحمة والاحترام المتبادل.

من هنا، تبرز أهمية التوعية بالأحكام الشرعية التي تضبط هذه العلاقة، لتضمن استقرار الأسرة، وصيانة الكرامة الإنسانية، وتحقيق السعادة لكلا الطرفين. وفي هذا السياق، أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا شرعيًا يوضح ضوابط العلاقة الزوجية وآدابها، مبيّنةً الأوقات التي لا ينبغي للزوج أن يطلب فيها زوجته، ومؤكدةً أن مراعاة مشاعر الطرف الآخر ركن أصيل من أركان الحياة الزوجية المستقرة.

ضوابط العلاقة الزوجية في الإسلام.. الرحمة أولًا

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الإسلام وضع ضوابط دقيقة للعلاقة الخاصة بين الزوجين، حرصًا على أن تقوم على المودة لا الإكراه، وعلى الاحترام لا الانتهاك فالزواج في الإسلام ليس مجالًا للشهوة المنفلتة، بل إطار شرعي يضمن السكينة النفسية والاستقرار الاجتماعي.

وأوضحت الإفتاء أن على كلٍّ من الزوجين أن يراعي ظروف الآخر عند طلب المعاشرة، سواء كان أحدهما مريضًا أو متعبًا أو في حالة غضب شديد فالعلاقة الزوجية.

كما قالت: لا تكون صحيحة من حيث المقصد الشرعي إلا إذا توافرت فيها الرضا وطيب الخاطر، مشيرة إلى أن الإكراه أو الإلحاح في غير موضعه يُعد تعديًا على معنى السكن والمودة التي جعلها الله أساس الزواج.

واستشهدت الدار بحديث النبي ﷺ الذي قال فيه: «إذا جامع أحدكم أهلَه فلْيَصْدُقْها، ثم إذا قضى حاجتَه قبل أن تَقْضِيَ حاجتَها فلا يَعْجَلْها حتى تَقْضِي حاجتَها».

وبيّنت أن هذا الحديث يعبّر عن الرقّي الأخلاقي والإنساني في الإسلام، إذ يوجّه الزوج إلى مراعاة شعور زوجته واحتياجاتها النفسية والجسدية، فلا يكون أنانيًّا في طلبه، بل شريكًا رحيمًا في المودة.

ثلاثة أوقات نهى الإسلام عن طلب العلاقة فيها

من أبرز النقاط التي شددت عليها دار الإفتاء أن هناك ثلاث حالات لا يُستحب فيها أن يطلب الزوج زوجته للعلاقة الزوجية، وهي:

1. حالة المرض أو التعب الشديد: لأن الزوجة في هذه الحالة تكون في حاجة إلى الراحة لا المعاشرة، ومراعاة حالها واجب إنساني قبل أن يكون دينيًا.

2. حالة الغضب أو التوتر النفسي: فالعلاقة في ظل الانفعال تُفقد معناها الحقيقي وتتحول إلى أداة للتنفيس لا وسيلة للتقارب، وقد تورث النفور بدل الألفة.

3. حالة الاضطراب النفسي أو الحزن: لأن المعاشرة في مثل هذه الظروف لا تعبّر عن مودة، بل تزيد من الألم النفسي للطرف المتأثر.

وأكدت الإفتاء أن الأصل في العلاقة هو الرضا المتبادل والسرور المشترك، لأن المعاشرة الزوجية في الإسلام عبادة وسكن، وليست مجرد تلبية غريزة.

الزواج حقوق وواجبات.. توازن بين الأخذ والعطاء

في جانب آخر، أوضحت دار الإفتاء أن الزواج في الإسلام يقوم على الحقوق المتبادلة، فلا يُقبل أن ينشغل أحد الزوجين بما له وينسى ما عليه فالأسرة التي تبنى على الأنانية لا تعرف الاستقرار، ولا يمكن أن تنشئ جيلًا متوازنًا.

واستشهدت الإفتاء بقول الله تعالى ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة: 228)، مشيرة إلى أن هذه الآية تعدّ من أعظم القواعد في العلاقات الأسرية، فهي تُقرّ مبدأ المساواة في الكرامة والحقوق، وإن اختلفت طبيعة الواجبات بين الزوجين.

فالزوج مطالبٌ بتوفير النفقة والكسوة والطعام والسكن، وبأن يهيئ لزوجته الأمان النفسي والاحترام والمشاركة في القرار، بينما الزوجة مطالبة بالطاعة في المعروف، وحسن العشرة، والحرص على استقرار البيت، دون تعنت أو مشاحنة.

العلاقة مع الأهل.. الإحسان أساس المودة

لم تقتصر توجيهات دار الإفتاء على العلاقة بين الزوجين فقط، بل امتدت لتتناول العلاقة بين كلٍّ من الزوجين وأهل الآخر، مؤكدة أن الإحسان هو الطريق الأضمن للنجاح الأسري.
فالاحترام المتبادل للأهل يعزز المحبة ويمنع النزاع، أما التعنت أو سوء التعامل مع أهل الزوج أو الزوجة، فإنه يزرع الشقاق ويُهدد استقرار البيت.

وفي هذا الإطار، استشهدت الإفتاء بحديثٍ نبوي يرويه الصحابي الجليل سهل بن سعد رضي الله عنه، عندما اختلف الإمام عليّ رضي الله عنه مع السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، فذهب النبي ﷺ بنفسه إليه في المسجد وقال له ممازحًا: “قم أبا تراب، قم أبا تراب”.

وقالت الإفتاء إن هذا الموقف يعكس خلق النبي الرفيع في التعامل مع الأصهار، إذ لم يُعاتب الإمام عليًّا، بل واساه وداعبه ومسح التراب عن ثوبه، وهو درس عظيم في الرفق واللين وحفظ المودة الأسرية.

ويُستفاد من الحديث  كما أوضح ابن حجر  أن “الرفق بالأصهار وترك المعاتبة أولى، حفاظًا على روابط المحبة بين العائلتين”.

الزواج في ميزان الشريعة.. مودة لا مشاحنة

تؤكد دار الإفتاء المصرية أن الزواج في الإسلام ليس معركة بين طرفين، بل هو بناء مشترك، يقوم على الصبر والحلم والتسامح فالمشكلات الزوجية لا تُحل بالتعنت أو الإصرار على الرأي، وإنما بالتفاهم والإيثار.

والأصل في العلاقة كما تقول الدار أن يُقدّم كل طرف الفضل قبل الحق، لأن التضحية جزء من الحب، ولأن الحياة الزوجية السعيدة لا تُقاس بالمكاسب، بل بما فيها من سكينة ومودة ورحمة.

تم نسخ الرابط