باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

اختفاء لوحة أثرية من سقارة يشعل غضب النواب.. ومطالبات بمحاسبة المسؤولين

مجلس النواب
مجلس النواب

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجه إلى السيد رئيس مجلس الوزراء، والسيد وزير السياحة والأثار، بشأن واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة "خنتي كا" بمنطقة آثار سقارة بمحافظة الجيزة

وقالت النائبة مها عبد الناصر في مستهل طلب الإحاطة، إن التراث الأثري المصري يمثل ثروة قومية وإنسانية لا تقدر بثمن، وهو الركيزة الأساسية للهوية الوطنية ومصدر فخر للمصريين جميعاً أمام العالم، حيث أن الحفاظ عليه واجب وطني وأمانة تاريخية، وأي تقصير أو تهاون في صونه يعد إخلالاً خطيراً بمسؤولية الدولة تجاه حاضرها ومستقبلها.

وأصدرت وزارة السياحة والآثار بياناً رسمياً بشأن ما تم تداوله عبر عدد من المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الإجتماعي حول اختفاء لوحة أثرية من الحجر الجيري من مقبرة “خنتي كا” بمنطقة آثار سقارة، حيث أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإحالة الواقعة إلى النيابة العامة للتحقيق، وتشكيل لجنة أثرية لجرد محتويات المقبرة والتحقق من القطع الموجودة بها.

وأكدت "عبد الناصر" أن هذه الواقعة تثير العديد من التساؤلات الجوهرية التي لا يمكن التغاضي عنها، في مقدمتها كيف يمكن أن تختفي قطعة أثرية من موقع مغلق منذ عام 2019 يُستخدم كمخزن للآثار منذ خمسينيات القرن الماضي؟ وأين كانت منظومة التأمين والمتابعة خلال هذه الفترة؟ ولماذا لم يُكتشف الأمر إلا بعد أن تم تداوله إعلامياً؟ إن وقوع مثل هذه الحوادث داخل مواقع أثرية مغلقة وتحت إشراف مباشر من المجلس الأعلى للآثار يشير إلى خلل مؤسسي في الرقابة والتأمين، ويستدعي وقفة حازمة لإعادة تقييم الإجراءات الداخلية والإدارية داخل الوزارة والمجلس الأعلى للآثار.

كما أكدت أيضا أن خطورة ذلك الأمر تتضاعف بالنظر إلى أن الواقعة ليست الأولى من نوعها خلال فترة قصيرة، إذ سبقها منذ أسابيع قليلة حادثة سرقة إسوارة أثرية من داخل معمل ترميم المتحف المصري بالتحرير، وهو المكان الذي يُفترض أنه الأعلى تأميناً والأكثر خضوعاً للمراقبة المستمرة. إن تكرار هذه الحوادث في فترات متقاربة يعكس وجود ثغرات هيكلية في منظومة الحماية والإشراف، ويدعو إلى التساؤل حول مدى فاعلية أنظمة المتابعة الداخلية ومدى التزامها بالمعايير الأمنية والإدارية المتعارف عليها في المؤسسات المتحفية العالمية.

وأشارت "عضو مجلس النواب" إلى أن هذه الوقائع تأتي في وقت تعلن فيه وزارة السياحة والآثار عن تنفيذ خطط للتحول الرقمي الشامل في إدارة المواقع والمتاحف والمخازن الأثرية، الأمر الذي يفرض تساؤلاً مشروعاً حول مدى واقعية هذا التحول وجدواه، إذ إن غياب قاعدة بيانات رقمية موحدة تضم جميع القطع الأثرية وتتابع حركتها منذ اكتشافها وحتى عرضها أو تخزينها، يجعل الحديث عن الرقمنة مجرد شعارات لا تعكس الواقع. إن الرقمنة ليست رفاهية إدارية بل أداة أساسية للرقابة والشفافية، وأي تأخير في تطبيقها يفتح الباب أمام الفقد والعبث والسرقة دون إمكانية التتبع أو المساءلة.

وأشارت أيضًا، إلى أن غياب الشفافية في إعلان نتائج التحقيقات السابقة يثير قلقاً واسعاً، ويضعف ثقة المواطنين في قدرة الوزارة على حماية التراث القومي، فالمواطن المصري، الذي يعتبر الآثار جزءاً من ذاته وهويته، من حقه أن يعرف ماذا يحدث داخل المؤسسات المسؤولة عن حفظ إرث أجداده، ومن واجب الدولة أن ترد بوضوح وتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب والبرلمان.

وشددت عضو البرلمان المصري على أن هذه الوقائع المتكررة لم تعد حوادث فردية، بل مؤشر خطير على قصور مؤسسي يتطلب إعادة النظر في البنية الإدارية والأمنية للمنظومة الأثرية برمتها، حيث أن المطلوب اليوم ليس فقط تحقيقاً في واقعة هنا أو هناك، بل إصلاحاً جذرياً يبدأ من إعادة هيكلة منظومة التأمين والحصر الرقمي، وتدريب الكوادر البشرية، ووضع آليات رقابة فاعلة على مدار الساعة، بحيث تُرصد أي حركة غير مأذون بها لأي قطعة أثرية فوراً، وتُوثق جميع البيانات إلكترونياً بشكل لا يقبل التلاعب أو التراخي.

وشددت أيضًا على أنه لا بد من تفعيل مبدأ الردع العام كأداة أساسية لحماية التراث الأثري، فالردع لا يتحقق إلا من خلال وضوح العقوبة وسرعة تطبيقها وإعلان نتائجها للرأي العام. إن الصمت أو التباطؤ في المحاسبة يشجع على التكرار، بينما الحزم والشفافية يخلقان وعياً عاماً بأن أي تقصير أو تجاوز في هذا المجال سيواجه بإجراءات صارمة لا تهاون فيها. إن الردع العام هو الضمان الحقيقي لصيانة التراث الوطني، لأنه يرسخ في أذهان الجميع أن مسؤولية حماية الآثار ليست عملاً روتينياً، بل واجب وطني مقدس.

وأكدت النائبة، أن مصر التي تمتلك ثلث آثار العالم، لا يجوز أن تكون عرضة لحوادث متكررة بهذا الشكل، فهذه القطع ليست مجرد حجارة أو تحف فنية، بل شواهد على تاريخ الإنسانية بأكملها. وحماية هذا التاريخ مسؤولية وطنية تتطلب إرادة سياسية قوية، وإدارة مؤسسية منضبطة، وتشريعات حازمة تغلظ العقوبات وتغلق كل الثغرات المحتملة، مشيرة إلى أن الحفاظ على الآثار المصرية هو حفاظ على سمعة الدولة وهيبتها أمام العالم، والتهاون في ذلك يضر بمكانة مصر الدولية ويضعف ثقة المجتمع الدولي في منظومة حمايتها للتراث الإنساني.

واختتمت الدكتورة مها عبد الناصر طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة بتوضيح الإجراءات المتخذة للتحقيق في الواقعتين المشار إليهما، وبيان خطة الوزارة لتأمين المواقع والمتاحف والمخازن الأثرية على مستوى الجمهورية، وتوضيح الخطوات التنفيذية لمشروع الرقمنة الشاملة لقواعد بيانات القطع الأثرية، مع تحديد الجدول الزمني للتنفيذ، وآليات المتابعة والمساءلة، مطالبة أيضًا بضرورة تفعيل الردع العام وتطبيق العقوبات الرادعة بحق كل من يثبت تورطه في إهمال أو عبث أو سرقة تتعلق بالآثار، تحقيقاً للانضباط ومنعاً لتفاقم هذه الظاهرة التي تهدد تراث الأمة المصرية وهويتها التاريخية.

تم نسخ الرابط