أمريكا تُغلق أبوابها.. والعالم يستعد لارتدادات اقتصادية عنيفة

دخلت الولايات المتحدة مجددًا في دوامة الإغلاق الحكومي، وهو السيناريو الذي تكرر أكثر من عشرين مرة منذ السبعينيات، لكنه هذه المرة يبدو أكثر خطورة وإرباكًا، فالإغلاق الحالي بدأ مع بداية السنة المالية الجديدة، وسط تهديدات الرئيس دونالد ترامب بتسريح جماعي لموظفين فيدراليين غير أساسيين، ما يرفع منسوب القلق في الداخل والخارج حول انعكاسات الأزمة.
إجازات قسرية من دون أجر
وعادةً ما تُستثنى المرافق الحيوية مثل الجيش والمستشفيات وإنفاذ القانون من أي تعطيل، لكن ملايين الموظفين المدنيين قد يواجهون إجازات قسرية من دون أجر، وهو ما يضغط على الاستهلاك المحلي ويضعف الإنفاق، كما ستتوقف العديد من الوكالات الفيدرالية عن العمل، بما في ذلك مكتب إحصاءات العمل، ما يعني تأجيل صدور بيانات حيوية مثل تقرير الوظائف والتضخم، وهما ركيزتان أساسيتان لتوجيه قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
تراجع الدولار الأمريكي
أصاب هذا الغموض الأسواق المالية العالمية، حيث تراجع الدولار الأمريكي مسجلًا أكبر خسائره الأسبوعية منذ يوليو، بعدما فقد المستثمرون ثقتهم بقدرة واشنطن على تمرير الميزانية في الوقت المناسب، وارتفع اليورو والإسترليني والفرنك السويسري أمام العملة الخضراء، فيما يترقب العالم كيف سيتعامل الفيدرالي مع نقص البيانات الموثوقة.
تقلبات حادة في أسواق المال
لا تتوقف المخاوف عند الداخل الأمريكي، فالإغلاق يترك أثرًا مباشرًا على الاقتصاد العالمي، نظرًا لكون الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، أي ارتباك في سياسات الفيدرالي أو تأخير في إصدار بيانات التضخم والوظائف قد يشعل تقلبات حادة في أسواق المال، ويدفع رؤوس الأموال إلى البحث عن ملاذات بديلة مثل الذهب والفضة.
الإغلاق الحالي الأكثر تكلفة
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن الإغلاق الحالي قد يكون الأطول والأكثر تكلفة إذا طال أمده، خاصة في ظل تصاعد الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين، فبينما يحاول كل طرف تحميل الآخر المسؤولية، يخشى المستثمرون من تداعيات تمتد إلى قطاعات النقل، والسياحة، وحتى الإنفاق الحكومي على المشروعات الكبرى.
الاقتصاد العالمي يعاني
ولفت خبراء الاقتصاد إلى أنه إذا كان الإغلاق الحكومي في الماضي قد مرّ بتأثير محدود على النمو، فإن المعادلة اليوم تختلف، حيث إن الاقتصاد العالمي يعاني في الأساس من ضغوط التضخم والتباطؤ في الصين وأوروبا، وأي تعطيل إضافي من جانب واشنطن قد يفاقم الخسائر.
ويرى محللون أن العالم يقف أمام لحظة اختبار صعبة، حيث لا يتعلق الأمر بمشاجرة حزبية داخلية فقط، بل بمصير الأسواق العالمية في الأشهر المقبلة.