شبكة فساد داخل مصلحة الجمارك.. تفاصيل رشوة التهريب الجمركي

في واحدة من أكبر قضايا الفساد الجمركي، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكامًا مشددة على 17 متهمًا متورطين في شبكة فساد وتهريب بضائع جمركية بقيمة تفوق المليار جنيه.
هذه القضية التي هزت أركان النظام الجمركي، كشفت عن حجم واسع من الرشوة والتزوير والتهريب المنظمة التي استنزفت المال العام وهددت الاقتصاد الوطني.
النيابة العامة لم تتوانى لحظة في مواجهتهم بكل حزم، لتوجه رسالة قوية لكل من تسول له نفسه العبث بالقوانين وسلامة الاقتصاد.
التفاصيل الكاملة نرصدها في السطور التالية، حيث كشفت النيابة العامة، أن موظفين عموميين طلبوا وأخذوا مبالغ مالية تجاوزت العشرة ملايين وسبعمائة ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل تهريب بضائع جمركية تمثلت في مشروبات روحية بلغت قيمتها أكثر من مليار وخمسة وعشرين مليون جنيه، وذلك عن طريق تزوير محررات رسمية واستعمالها.
أمرت النيابة العامة بإحالة سبعة عشر متهمًا إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، حيث أصدرت محكمة الجنايات بجلستها المنعقدة بتاريخ الثامن والعشرين من سبتمبر الجاري حكمها بمعاقبة أربعة عشر متهمًا بالسجن المشدد خمسة عشر عامًا، ومعاقبة ثلاثة متهمين آخرين بالسجن المشدد عشر سنوات، وتغريمهم جميعًا مبلغ مليون وستمائة وخمسين ألف جنيه، وإلزامهم بتعويض مالي قدره ملياران وإحدى وخمسون مليونًا وسبعمائة وأربعون ألفًا ومائة وستة وثمانون جنيهًا، مع مصادرة المبالغ المالية والمستندات المزورة والبضائع المضبوطة.
وتؤكد النيابة العامة أنها ماضية في رسالتها في مكافحة جرائم الرشوة والفساد والتهريب وصون المال العام والاقتصاد القومي، وستتصدى بكل حزم لمثل هذه الجرائم، إعمالًا لأحكام القانون وتحقيقًا للردع العام.
وكانت أصدرت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمود السيد الكحكي وعضوية المستشارين عبد العظيم صادق محمود وخالد عبدالرحمن سالم، حكمها في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"رشوة الجمارك الكبرى"، حيث قضت بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا على 16 متهماً، ومعاقبة متهمة أخيرة بالسجن 10 سنوات، مع عزل جميع المتهمين من وظائفهم.
وفي مفاجأة ضمن الحكم، أُعفي المتهم الراشي من العقوبة بعد ثبوت تعاونه الكامل مع جهات التحقيق وكشفه تفاصيل وقائع الرشوة.
تفاصيل القضية والتحقيقات
كانت النيابة المختصة قد كشفت خلال التحقيقات عن اعترافات المتهم الثالث في القضية، عمرو ع.، الذي أقر بقبوله مبالغ مالية على سبيل الرشوة من المتهم السادس عشر، سامح ك.، مالك شركة توريدات، مقابل تمكينه من الحصول على بضائع (خمور وسجائر) دون سداد الضرائب الجمركية المستحقة، إضافة إلى ارتكابه تزويراً في محررات رسمية وتهريب بضائع أجنبية معفاة من الضريبة بقصد الاتجار.
وكشفت التحقيقات عن تورط 17 متهماً بينهم مدير عام الأسواق الحرة بقطاع جمارك القاهرة، ووكيل فرع بأحد شركات الاستيراد والتصدير، ومدير فرع، ومراجع، وأخصائية شؤون مالية، بالإضافة إلى 7 مأموري جمرك وآخرين، في استيلائهم على مبلغ إجمالي تجاوز 10 ملايين و791 ألفًا و700 جنيه مقابل الرشوة.
دور الرقابة الإدارية
قال عضو هيئة الرقابة الإدارية في تحقيقات النيابة، إنه وردت إليه معلومات عن طلب المتهمتين الأولى (أميرة م.) والعاشرة (لبيبة ح.) من المتهم السادس عشر سامح ك. رشوة مقابل تمكينه من الحصول على سلع وبضائع دون دفع الضرائب الجمركية، مخالفة للقوانين واللوائح التي تنص على اقتصار البيع داخل الفرع على الركاب القادمين خلال 48 ساعة مع إثبات بياناتهم.
وأضاف أنه بناءً على إذن النيابة، تم مراقبة وتسجيل لقاءات ومحادثات المتهمين، والتي أكدت طلب الرشوة من المتهمين من الأولى وحتى الرابع عشر مقابل تسهيل حصول سامح ك. على بضائع ممنوعة من الضرائب، مع تزوير فواتير البيع باستخدام بيانات وهمية.
وأشار ضابط الرقابة الإدارية إلى أن المتهم السادس عشر كان يقدم بشكل أسبوعي مبالغ مالية على سبيل الرشوة للمتهمة الأولى، سواء بنفسه أو عن طريق المتهم السابع عشر يوسف ج.، لتوزيعها على باقي المتهمين من الثاني وحتى العاشر.
وبلغ إجمالي مبالغ الرشوة التي تلقتها المتهمين من الأولى وحتى الرابع عشر نحو 10 ملايين و791 ألفًا و700 جنيه.