مجموعة توت عنخ آمون.. درة التاج في معروضات المتحف المصري الكبير

ينتظر محبو الآثار الفرعونية حول العالم بفارغ الصبر افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر المقبل، ليتمكنوا من مشاهدة المجموعة الكاملة للفرعون الذهبي توت عنخ آمون في مكان واحد لأول مرة، وتمثل تلك المجموعة الفريدة درة التاج في معروضات المتحف المصري الكبير.
وسيتم غلق قاعة الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير، اعتبارا من يوم 20 أكتوبر المقبل، وذلك لاستكمال أعمال نقل آخر القطع الأثرية الخاصة بالملك الذهبي توت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير، حيث سيتم عرضها لأول مرة مجتمعة في قاعة واحدة مخصصة داخله.
وتعد مجموعة توت عنخ آمون الأثرية واحدةً من أبرز الاكتشافات الأثرية في العالم، إذ اكتشفت في الرابع من نوفمبر عام 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هوارد في وادي الملوك بالأقصر.
وشكل هذا الاكتشاف حدثا استثنائيا في تاريخ علم المصريات، حيث تم العثور على المقبرة الملكية شبه كاملة بأثاثها الجنائزي ومقتنياتها الفريدة، وهو ما أتاح للباحثين وللعالم أجمع إلقاء نظرة مباشرة على حضارة المصريين القدماء، وخصوصا في أواخر الأسرة الـ18.
وتحتوي مجموعة توت عنخ آمون الأثرية على ما يزيد على خمسة آلاف قطعة، تنوعت بين التماثيل الصغيرة، والذهب النفيس، والحلي، والأواني الفاخرة، والأثاث الجنائزي.
ويعد التابوت الذهبي والقناع الجنائزي الشهير المصنوع من الذهب الخالص والمطعم بالأحجار الكريمة من أبرز مقتنيات المجموعة وأكثرها جذبا لانتباه الجمهور، وهذا القناع تحديدا صار رمزا عالميا للحضارة المصرية القديمة، وأيقونة متفردة في تاريخ المتاحف.
وتكمن أهمية هذه المجموعة في أنها وجدت كاملة تقريبا، بخلاف معظم المقابر الفرعونية التي تعرضت للسرقة أو التلف عبر القرون.
وقد مكن هذا الاكتشاف العلماء من دراسة طقوس الدفن والعقائد الدينية والفنون الصناعية في مصر القديمة بدقة غير مسبوقة، كما أظهرت المقتنيات المستوى الرفيع من الحرفية الذي بلغه الصناع المصريون في صناعة الذهب والأحجار الكريمة والنسيج والأثاث.
وعلى مر العقود، ظلت هذه المجموعة محط اهتمام العالم، إذ جابت عددا من الدول في معارض دولية ضخمة جذبت ملايين الزوار.
وقد لعبت تلك المعارض دورا مهما في تعزيز مكانة مصر الثقافية والسياحية عالميا، فضلا عن مساهمتها في رفع الوعي بأهمية حماية التراث الإنساني.
ومع افتتاح المتحف المصري الكبير الذي شيد ليكون أكبر متحف للآثار في العالم، ستستقر المجموعة كاملة داخله، ليتمكن الزوار من مشاهدتها.
ويقع المتحف المصري الكبير، بالقرب من أهرامات الجيزة، ويخصص جناحا كاملا لمجموعة توت عنخ آمون، وسيعرض فيه أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية مرتبطة بالفرعون الشاب، وهو ما لم يحدث من قبل، إذ لم يعرض سابقا سوى جزء قليل من هذه المقتنيات في المتحف المصري بالتحرير.
ويتوقع أن يسهم هذا العرض الضخم في جعل المتحف المصري الكبير مقصدا سياحيا عالميا وأن يدعم الاقتصاد المصري عبر السياحة الثقافية.
إلى جانب قيمتها الأثرية، تحمل مجموعة توت عنخ آمون قيمة رمزية كبرى، إذ تجسد تاريخ ملك صعد إلى العرش وهو لا يزال طفلا صغيرا، وتوفي في سن مبكرة لم يتجاوز 19 عاما.
وعلى الرغم من قصر فترة حكمه، فإن اسم توت عنخ آمون ، ظل خالدا بفضل هذا الاكتشاف المدهش، الذي فتح أبوابا واسعة لفهم الحضارة المصرية القديمة، كما ساهمت الأساطير المرتبطة بما يعرف بـ "لعنة الفراعنة"، التي انتشرت بعد وفاة بعض أفراد بعثة كارتر بعد الاكتشاف، في زيادة شهرة المجموعة على مستوى عالمي.
واليوم، تعد مجموعة توت عنخ آمون رمزا خالدا للحضارة المصرية القديمة، ومصدرا دائما للفخر الوطني المصري، ومع انتقالها إلى مقرها الجديد في المتحف المصري الكبير، فإنها تستعد لكتابة فصل جديد في سجل الحضور الثقافي والحضاري.