هل يؤدي نقص فيتامين أ إلى الإصابة بسرطان المعدة؟

الحديث عن الفيتامينات، غالبًا ما يرتبط في أذهاننا دورها في تعزيز المناعة، وتحسين صحة البشرة، والحفاظ على قوة البصر.
لكن المفاجأة أن فيتامين "أ" لا يقتصر على هذه الوظائف فقط، بل يلعب أيضًا دورًا محوريًا في الحفاظ على صحة المعدة، وقد يقلل من خطر الإصابة بـ سرطان المعدة.
في هذا السياق، توضح الدكتورة بارفين جاين، رئيسة قسم الأورام أهمية فيتامين أ في دعم الجهاز الهضمي، وعلاقته بسرطان المعدة، بالإضافة إلى أفضل المصادر الغذائية التي يجب أن يحرص الناس على تناولها يوميًا.
لماذا فيتامين أ مهم لصحة المعدة؟
تقول الدكتورة جاين: "يُعد فيتامين أ أساسيًا للحفاظ على سلامة الغشاء المخاطي المبطن للمعدة، حيث يساعد على نمو وإصلاح الخلايا الظهارية التي تشكل حاجزًا قويًا ضد الكائنات الضارة والمهيجات".
بمعنى آخر، يعمل فيتامين أ على تعزيز مناعة المعدة، ومنع البكتيريا الضارة والمواد المهيجة من إتلافها بسهولة.
كما أن خصائصه المضادة للأكسدة تساعد في مكافحة الجذور الحرة، مما يقلل من الإجهاد التأكسدي والالتهابات.
وتشير جاين إلى أن الكميات الكافية من فيتامين أ تساهم كذلك في تعزيز الاستجابات المناعية، وبالتالي تمنع العدوى مثل جرثومة الملوية البوابية، التي قد تسبب تمزق بطانة المعدة مؤدية إلى أمراض مثل التهاب المعدة أو القرحة.
هل يؤدي نقص فيتامين أ إلى سرطان المعدة؟
توضح الدكتورة جاين أن الانخفاض العرضي في تناول فيتامين أ قد لا يشكل خطورة كبيرة، لكن النقص المزمن والمستمر يمكن أن تكون له عواقب وخيمة.
وتضيف: "نقص فيتامين أ المستمر يضعف عملية إصلاح الغشاء المخاطي، ويقلل من دفاعات مضادات الأكسدة، مما يزيد من الإجهاد التأكسدي والالتهابات المزمنة.
هذه الظروف تساهم في تلف الحمض النووي وانقسام الخلايا بشكل غير طبيعي، وهما عاملان رئيسيان في نشوء سرطان المعدة".
كما أن هذا النقص يفاقم التهابات المعدة الناتجة عن جرثومة الملوية البوابية، وهي واحدة من أبرز عوامل الخطر للإصابة بسرطان المعدة، ومع مرور الوقت، يؤدي ذلك إلى خلق بيئة مثالية لتطور المرض.
جدير بالذكر أن دراسة نشرت في "المجلة الأمريكية للتغذية السريرية" خلصت إلى أن تناول كميات كافية من فيتامين أ، إلى جانب الريتينول والكاروتينات "بروفيتامين أ"، قد يقلل بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بسرطان المعدة.
أفضل المصادر الغذائية لفيتامين أ
فيتامين أ متوفر بسهولة في العديد من الأطعمة اليومية، ويوصي الأطباء بمزيج متوازن من المصادر الحيوانية والنباتية للحصول على الكمية اللازمة منه:
المصادر الحيوانية: الكبد، الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل، البيض، ومنتجات الألبان مثل الجبن والزبادي.
المصادر النباتية (بيتا كاروتين): الجزر، البطاطا الحلوة، السبانخ، الكرنب، اليقطين، والمانجو.
و الخضراوات والفواكه مصدرًا مثاليًا، فهي لا تحتوي فقط على فيتامين أ، بل أيضًا على الألياف ومضادات الأكسدة التي تحافظ على صحة الجهاز الهضمي وتقلل من مخاطر أمراض المعدة.
ماذا عن المكملات الغذائية؟
في ظل نمط الحياة المزدحم اليوم، يلجأ البعض إلى المكملات الغذائية لتعويض النقص.
إلا أن الدكتورة جاين تنصح بالحذر:
"من الأفضل الحصول على فيتامين أ من الأطعمة الطبيعية، حيث يحتوي النظام الغذائي الكامل على بيتا كاروتين وعناصر غذائية أخرى تعمل معًا للحد من الالتهابات والإجهاد التأكسدي.
يمكن للمكملات أن تكون مفيدة عند وجود نقص حقيقي، لكن تناولها بجرعات عالية قد يكون سامًا، لذلك، تبقى المصادر الغذائية الخيار الأكثر أمانًا وفعالية."
من هم الأكثر عرضة لخطر نقص فيتامين أ وسرطان المعدة؟
بحسب الأطباء، هناك فئات أكثر عرضة للخطر، وتشمل:
الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا فقيرًا بالفواكه والخضروات أو المنتجات الحيوانية.
مرضى سوء الامتصاص مثل المصابين بـ الاضطرابات الهضمية أو مرض كرون.
المصابون بعدوى الملوية البوابية أو من لديهم تاريخ عائلي لسرطان المعدة.
فيتامين أ ليس مجرد عنصر لتعزيز النظر أو جمال البشرة، بل هو خط دفاع أساسي عن صحة المعدة.
من دعم الغشاء المخاطي إلى تقليل الالتهابات، وصولًا إلى خفض خطر الإصابة بالسرطان، يظل دوره بالغ الأهمية.
ولذلك، فإن إدخال الأطعمة الغنية بفيتامين أ في النظام الغذائي اليومي يعد من أبسط وأفضل الوسائل لحماية المعدة على المدى الطويل، مع تفضيل المصادر الطبيعية على المكملات، إلا في حالة وجود نقص طبي مُثبت.