مغامرة ساويرس في كوريا الشمالية.. من استثمار واعد إلى أكبر تجميد أموال بالخارج

قبل أكثر من 15 عامًا، قرر رجل الأعمال نجيب ساويرس أن يغامر في أحد أكثر الأسواق انغلاقًا على وجه الأرض، وهي كوريا الشمالية.
كان مشروع الاتصالات "كوريولينك" بمثابة اختراق اقتصادي وسياسي في بيونج يانج، لكن القصة التي بدأت بضخ 250 مليون دولار، انتهت اليوم بخسائر قياسية وتجميد مئات الملايين في دولة لا تسمح للأموال بالخروج.
من الحلم إلى الحصار المالي
عام 2008، أطلقت أوراسكوم أول شبكة محمول خاصة في كوريا الشمالية، في وقت كان البلد يعيش عزلة تامة عن الاستثمار الأجنبي، لكن بعد سنوات قليلة، ظهر المنافس الحكومي المملوك بالكامل للدولة، وبدأ يلتهم الحصة السوقية للشركة المصرية.
محاولات الاندماج مع المشغل الحكومي فشلت بسبب رفض كوريا الشمالية منح أي صلاحيات إدارية للشريك الأجنبي، ليتحول المشروع تدريجيًا من فرصة واعدة إلى أصل مجمد.
الأرقام التي كشفت حجم الورطة
أظهر تقرير أوراسكوم الأخير خسائر صافية بلغت 909 ملايين جنيه في 2024، وهي الأثقل منذ سنوات، وكان السبب الأكبر فيها اضمحلال الأصول المالية المحتجزة في كوريا الشمالية بقيمة 593 مليون جنيه.
إلى جانب ذلك، تكبدت الشركة 234 مليون جنيه كتكاليف تمويلية مرتبطة بقرض كوريولينك، وخسائر فروق عملة وصلت إلى 392 مليون جنيه، نتيجة الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي في بيونج يانج والسعر الموازي في السوق المحلية هناك.
العقوبات تغلق الباب
ذروة الأزمة جاءت في سبتمبر 2017 مع قرار مجلس الأمن الدولي بحظر أي استثمار جديد في كوريا الشمالية دون موافقة أممية خاصة.
ورغم تقديم أوراسكوم طلب استثناء عبر القنوات الدبلوماسية المصرية، بقي الوضع مجمدًا، والأموال محتجزة بلا أفق للإفراج.
وفي 2022، تعرضت الشركة لضربة جديدة بعد تخفيض حصتها في كوريولينك من 75% إلى 60% نتيجة زيادة رأسمالية اكتتبت فيها الحكومة الكورية منفردة.
مشروع يتحول إلى درس قاسٍ
ورغم إعلان أوراسكوم عن أرباح دفترية قدرها 104 ملايين جنيه من نشاط كوريولينك، فإن هذه الأموال لم تدخل خزانة الشركة فعليًا، وبقيت أرقامًا على الورق.
قصة ساويرس في كوريا الشمالية أصبحت الآن مثالًا على مخاطر الاستثمار في بيئات سياسية مغلقة، حيث يمكن أن تتحول أكبر المشاريع إلى أصول معلقة لا يمكن تصفيتها أو الاستفادة منها، مهما بلغت الأرباح على الورق.