زاهي حواس يكسر الصمت ويتهم وسيم السيسي بتجاوز حدود العلم والإعلام
أعاد الجدل الذي تفجّر عقب المناظرة التلفزيونية بين عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، والباحث الدكتور وسيم السيسي، فتح ملف شائك يتعلق بحدود النقاش العلمي، ومسؤولية الظهور الإعلامي، والفارق بين حرية الرأي ودقة المعلومة فبينما رأى البعض في المناظرة مواجهة فكرية مطلوبة، اعتبرها آخرون ساحة صراع تجاوزت حدود الاختلاف العلمي إلى اتهامات ضمنية بعدم الاحترام وتشويه الحقائق.
المناظرة التي جاءت على الهواء مباشرة، لم تتوقف تداعياتها عند حدود الشاشة، بل امتدت إلى نقاش واسع على منصات التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات عن طبيعة الخلاف، وأسبابه، وما إذا كان ما جرى يعكس أزمة أعمق في الخطاب المتعلق بالحضارة المصرية والآثار.
سؤال مباشر يشعل النقاش: هل كان كمينًا إعلاميًا؟
في هذا السياق، وجّه الإعلامي حمدي رزق سؤالًا صريحًا إلى الدكتور زاهي حواس خلال استضافته في برنامج «نظرة» على قناة «صدى البلد»، متسائلًا عما إذا كانت المناظرة مع الدكتور وسيم السيسي قد جرى الإعداد لها باعتبارها «كمينًا إعلاميًا» يستهدف إحراجه أو النيل من آرائه أمام الجمهور.
السؤال، الذي جاء بصيغة حادة نسبيًا، عكس حجم الجدل المثار، وفتح الباب أمام رد مباشر من زاهي حواس، الذي اختار أن يوضح موقفه دون مواربة، واضعًا النقاط فوق الحروف بشأن رؤيته لما جرى.
زاهي حواس يرد: الدفاع عن الآثار لا عن الأشخاص
في رده، شدد الدكتور زاهي حواس على أن موقفه لا ينبع من خصومة شخصية، بل من قناعة راسخة بدوره العلمي والوطني في حماية التاريخ المصري.
وأكد أن لديه مؤسسة متخصصة تهدف إلى نشر الوعي الأثري، والدفاع عن كل ما يتعلق بالحضارة المصرية في مواجهة ما يراه مغالطات أو معلومات غير دقيقة يتم تداولها على نطاق واسع.
وأوضح حواس أن هذه المؤسسة لا تستهدف أشخاصًا بعينهم، وإنما تركز على المحتوى، معتبرًا أن الآثار المصرية ليست مجالًا للاجتهادات غير المستندة إلى أدلة علمية، ولا ساحة للظهور الإعلامي المتكرر دون ضوابط معرفية.
بين حرية الرأي ودقة المعلومة
وأشار عالم الآثار إلى أنه يحترم حق أي باحث أو مفكر في التعبير عن رأيه، بما في ذلك الدكتور وسيم السيسي، مؤكدًا أن الاختلاف في الرؤى أمر طبيعي في الحقول العلمية لكنه في الوقت نفسه، وضع خطًا فاصلًا بين إبداء الرأي وبين الظهور اليومي على شاشات التلفزيون لإطلاق تصريحات وصفها بأنها «أحاديث صحفية لا تستند إلى أساس علمي واضح».
هذا التمييز، بحسب حواس، هو جوهر الأزمة، حيث تتحول بعض الآراء غير المدعومة بالأدلة إلى حقائق متداولة لدى الجمهور، ما يشكّل خطرًا على الوعي العام، ويشوّه صورة الحضارة المصرية التي تحتاج إلى خطاب علمي رصين.
أحترمه.. لكنه لم يحترمني: عبارة تختصر الخلاف
وفي أكثر تصريحاته وضوحًا، قال زاهي حواس: أنا أحترم الدكتور وسيم، ولكنه لم يحترمني، موضحًا أنه لم يوجّه له أي إساءة شخصية، ولم يتعرض له بكلمة تمس تاريخه أو مكانته، وإنما اقتصر نقده على ما يطرحه من تصريحات تتعلق بالآثار.
وأضاف أن النقاش الذي دار لم يكن هجومًا على الأشخاص، بل مواجهة علمية مع الأفكار، معتبرًا أن هذا النوع من الجدل يجب أن يُفهم في إطاره الصحيح، لا أن يُفسَّر باعتباره تصفية حسابات أو خلافات شخصية.
الإعلام والآثار: مسؤولية مضاعفة أمام الجمهور
سلّطت تصريحات حواس الضوء على دور الإعلام في تشكيل الوعي الأثري، مشددًا على أن البرامج الحوارية تتحمل مسؤولية كبرى في اختيار ضيوفها، وفي تقديم القضايا العلمية الحساسة. فالتاريخ، بحسب وصفه، ليس مادة للترفيه أو الإثارة، بل رصيد حضاري وإنساني يتطلب دقة واحترامًا ومنهجية علمية صارمة.
ويرى مراقبون أن هذا الجدل يعكس أزمة أوسع تتعلق بعلاقة الإعلام بالعلم، حيث تتحول بعض القضايا التخصصية إلى موضوعات للجدل الجماهيري دون الالتزام بقواعد البحث العلمي.
ردود فعل متباينة: انقسام بين مؤيد ومعارض
عقب الحلقة، انقسم الرأي العام بين من رأى في تصريحات زاهي حواس دفاعًا مشروعًا عن التاريخ المصري، ومن اعتبر أن أسلوب المناظرة كان حادًا بما يكفي لإشعال خلاف لا يخدم القضية. في المقابل، طالب آخرون بضرورة تنظيم مناظرات علمية أكثر انضباطًا، تجمع بين الاختلاف واحترام التخصص.