علماء من كوريا يبتكرون تقنية جديدة للوقاية من الخرف

في سابقة هي الأولى من نوعها عالميًا، زعم علماء من كوريا الجنوبية أنهم ابتكروا طريقة تشخيصية غير جراحية باستخدام التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة، يمكنها مراقبة نشاط الجهاز اللمفاوي في الوقت الحقيقي، وهو الجهاز المسؤول عن التخلص من نفايات الدماغ أثناء النوم.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني نحو 57 مليون شخص حول العالم من الخرف، يعيش أكثر من 60% منهم في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مع تسجيل نحو 10 ملايين حالة جديدة سنويًا.
الخرف يُعد من الأمراض القاسية، إذ يبدأ المريض بنسيان أشياء بسيطة كالأسماء وسنوات الدراسة، وقد يصل الأمر إلى نسيان أفراد أسرته، مثل ابنته، والأسوأ أنه لا يوجد علاج فعال حتى الآن، لكن ماذا لو أمكن الوقاية منه؟ هذا ما يسعى إليه العلماء الكوريون الذين يقولون إنهم اقتربوا من تحقيق هذا الهدف.
الجهاز اللمفاوي ومخلفات الدماغ
ابتكر العلماء تقنية تعتمد على التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة، وهي وسيلة تتيح "نظرة خاطفة" داخل الجسم باستخدام ضوء يخترق الجمجمة ويراقب التغيرات في الوقت الفعلي.
هذه التقنية تتيح قياس نشاط الجهاز اللمفاوي في الدماغ، والذي يفرغ الفضلات المتراكمة أثناء النوم.
قاد الفريق البحثي البروفيسور يون تشانغ هو، رئيس قسم الأعصاب، وأكد العلماء أن الجهاز الجديد يستطيع رصد إفراز نفايات الدماغ المرتبطة بالإصابة بالخرف، بشكل آني خلال النوم.
وعلى نحو مبسط، عندما ينام الإنسان، يقوم السائل الدماغي الشوكي بغسل الفضلات التي تتراكم في الدماغ نتيجة نشاط الخلايا العصبية طوال اليوم، وتحديدًا عبر الجهاز اللمفاوي السحائي والعقد اللمفاوية العنقية.
كيف يبدأ الخرف؟
من بين هذه "النفايات" العقلية، يبرز بروتين بيتا أميلويد، والذي يُعتقد أنه يلعب دورًا رئيسيًا في الإصابة بالخرف والزهايمر.
في الحالات الطبيعية، يقوم هذا البروتين بدور وقائي. ولكن عند تراكمه خارج خلايا الدماغ وتكتله، يؤدي ذلك إلى موت الخلايا العصبية وتدهور وظائف الدماغ.
تقنية جديدة لرصد تنظيف الدماغ
تمكن الباحثون من تطوير مطياف لاسلكي للأشعة تحت الحمراء القريبة، يمكنه قياس تدفق السوائل داخل الدماغ بشكل لحظي.
يتم تثبيت هذا الجهاز على الجبهة، ويرسل ضوءًا تحت أحمر بطول موجي يتراوح بين 700 و1000 نانومتر، يخترق الجمجمة ويقيس معدلات امتصاص الضوء المتناثر، ما يسمح بقياس رطوبة الدماغ، وتشبع الأكسجين، وتدفق الدم.
باستخدام الطول الموجي 925 نانومتر، الذي يستجيب لتغيرات الرطوبة، طوّر العلماء خوارزمية تعزل تأثير تدفق الدم عن رطوبة البلازما، بما يسمح بقياس دقيق لرطوبة الدماغ المرتبطة مباشرة بنشاط الجهاز اللمفاوي.
نتائج واعدة
في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة الجمعية الدولية لتدفق الدم الدماغي والتمثيل الغذائي، راقب الباحثون 41 شخصًا بالغًا سليمًا باستخدام الجهاز، ووجدوا أن رطوبة الفص الجبهي ازدادت بشكل ملحوظ مع الانتقال من حالة اليقظة إلى النوم العميق (غير سريع حركة العين).
تشير هذه النتائج إلى أن آلية "غسل الدماغ" تنشط أثناء مراحل النوم العميق، وهو ما يتماشى مع النتائج السابقة التي لوحظت في الدراسات الحيوانية.
كلما غاص الإنسان في مراحل نوم أعمق، زاد نشاط الجهاز اللمفاوي في طرد السموم والفضلات، ما يعزز من صحة الدماغ على المدى الطويل.
وصف البروفيسور يون تشانغ هو، أحد مؤلفي الدراسة، هذه النتائج بأنها توضح العلاقة الوثيقة بين جودة النوم وصحة الدماغ، مؤكدًا أن هذه التقنية قد تفتح الباب أمام الكشف المبكر عن علامات الخرف، وتتبع الأفراد المعرضين للإصابة، بل وربما تساعد في تقييم فاعلية علاجات النوم ووضع خطط رعاية فردية للحفاظ على صحة الدماغ.