كيف يدير "الإخوان" حملة تحريض دولية ضد مصر من عواصم أوروبية؟

في الوقت الذي تُكثف فيه الدولة المصرية جهودها الدبلوماسية والإنسانية للتعامل مع تداعيات الحرب على قطاع غزة، بدأت ماكينة دعائية منظمة تقودها جماعة الإخوان الإرهابية في بث سلسلة من الحملات التحريضية ضد مصر، مستغلة الأزمة الإنسانية، ومُوظفة كياناتها الإعلامية بالخارج، في تناغم لافت مع خطابات إسرائيلية تستهدف تشويه الدور المصري في المنطقة.
تحقيق "تفصيلة" يرصد خيوط هذه الحملة التي تنامت منذ 20 يوليو 2025، بالتزامن مع إعلان وزارة الداخلية المصرية عن إحباط مخطط تخريبي لحركة "حسم"، الذراع المسلحة للجماعة، ما دفع التنظيم لتكثيف تحركاته الدعائية عبر أدواته الخارجية، ومحاولة تعويض فشله الأمني داخل البلاد، بنشاط تحريضي خارجي متعدد الواجهات والأدوات.
من أنقرة إلى أمستردام
المشهد الأول بدأ من تركيا، حيث نشر يحيى موسى، القيادي الإخواني الهارب والعقل المدبر لعدد من العمليات الإرهابية في مصر، تغريدة على منصة "إكس"، يدعو فيها إلى "محاصرة السفارات المصرية بالخارج"، بزعم الضغط لفتح معبر رفح. لم تكن التغريدة عابرة، بل كانت إشارة انطلاق لخطة تصعيدية أوسع، قادتها منصة "ميدان"، التي يُديرها موسى بنفسه من إسطنبول، وتعد حاليًا الواجهة السياسية الأكثر تطرفًا داخل التنظيم.
في اليوم التالي، تحرك الشقيقان أنس وطارق حبيب وهما من عناصر الجماعة الهاربين إلى مقر السفارة المصرية في العاصمة الهولندية أمستردام، ونفّذا وقفة وصفوها بـ"الإغلاق الرمزي"، مع ترديد شعارات مُعادية للدولة المصرية، مدعومة بصور ومقاطع فيديو تم بثها عبر صفحات تابعة لحركة "ميدان".
دعم من كيانات إخوانية ودوائر أجنبية
ما كشفه الرصد الميداني لموقع "تفصيلة"، أن الدعوة للتحريض لم تقتصر على الأذرع الإعلامية التابعة لموسى، بل تبنتها أيضًا شخصيات إخوانية بارزة، منها أحمد عبد العزيز، المستشار الإعلامي لـ" محمد مرسي" ، الذي أعلن دعمه الكامل لما يُعرف بـ"مشروع ميدان"، ودعا إلى تنفيذ تحركات ميدانية مماثلة في عواصم أخرى.
وانضمت كيانات إخوانية نشطة مثل "المجلس الثوري المصري" بلندن، وحملة "ساعة فلسطين" المرتبطة بتنظيم الإخوان في تونس، إلى الدعوات، وحددت تاريخ 26 يوليو 2025 لتنفيذ ما وصفته بـ"يوم غضب عالمي أمام السفارات المصرية"، بهدف الضغط السياسي والتشويش الإعلامي.
تقاطع مع الخطاب الإسرائيلي
اللافت أن نفس الادعاءات التي تبنتها هذه الكيانات بشأن مسؤولية مصر عن "حصار غزة"، تبنّاها أيضًا عدد من الحسابات الإسرائيلية، أبرزها حساب الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، الذي كتب عبر "إكس": "العالم يدرك الآن أن مصر هي من تغلق غزة، وليس إسرائيل".
هذا التشابه بين الخطابين يكشف بوضوح التحول الجديد في استراتيجية التنظيم الدولي للإخوان، وهو توظيف الأزمة الفلسطينية لخدمة أجندات معادية، حتى لو تقاطعت مع روايات الاحتلال الإسرائيلي، بهدف تقويض الدور المصري وتقديمه كطرف مُعطِّل للحل لا كوسيط.
تحريض ممنهج ومعلومات مُضللة
تزامنًا مع هذا التصعيد، نشرت صفحات تابعة للإخوان فيديوهات مزيفة تدعي اقتحام أقسام شرطة داخل مصر، من بينها فيديو عن قسم "المعصرة" ثبت لاحقًا أنه قديم وتم إخراجه عن سياقه. كما روجت لنشرة مزعومة من "مجلس عشائر سيناء"، زعمت فيها أن القبائل ترفض السياسات المصرية تجاه معبر رفح، دون أن تُقدم أي دليل على صحة البيان أو مصادره.
وفي 28 يوليو، أعلنت حركة "ميدان" عن حملة تحريضية جديدة بعنوان "حملة 300"، دعت فيها المصريين للنزول في الشوارع، مستخدمة شعارات فضفاضة حول "التحرر من الظلم"، في تكرار واضح لمحاولات سابقة باءت بالفشل.