وسط ضغوط متزايدة لوقف حرب غزة
عواصم أوروبية كبرى نحو مواقف أكثر جرأة في دعم الدولة الفلسطينية

في وقت تتفاقم فيه المأساة الإنسانية في قطاع غزة، تتباين مواقف العواصم الأوروبية الكبرى بشأن الاعتراف الرسمي بدولة فلسطينية، بين تأييد معلن، وتردد مشروط، وحذر دبلوماسي.
إعلان فرنسي مرتقب في الأمم المتحدة
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الخميس، أن بلاده تعتزم الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والمقررة في سبتمبر المقبل.
هذه الخطوة التي تعد تحول نوعي في السياسة الفرنسية، جاءت على خلفية الضغوط المتزايدة لوقف الحرب على قطاع غزة وتفعيل المسار السياسي.
لكن هذا الإعلان لم يمر دون رد فعل، فقد سارعت إسرائيل إلى انتقاد القرار، واعتبرته مكافأة لحركة حماس على هجوم 7 أكتوبر، فيما أبدت واشنطن معارضتها لأي تحرك أحادي من هذا النوع، في إشارة واضحة إلى التباين داخل المعسكر الغربي حول توقيت وشروط الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
لندن: الاعتراف هدف نهائي لكن الأولوية لغزة
في بريطانيا، تتبنى حكومة كير ستارمر موقفاً داعماً لقيام دولة فلسطينية، لكن توقيت الاعتراف لا يزال رهناً بالظروف، حيث صرح وزير العلوم والتكنولوجيا بيتر كايل، بأن الاعتراف سيأتي في نهاية المطاف، إلا أن الأولوية الحالية، بحسب قوله، يجب أن تتركز على تخفيف معاناة المدنيين في غزة والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وأكد كايل أن لندن تريد دولة فلسطينية، لكنها ترى أن تحقيق ذلك يحتاج إلى ظروف سياسية تتيح حلاً طويل الأمد، مشدداً على أن الوقت الآن ليس مناسباً للإعلانات السياسية.
أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فقد وصف إقامة دولة فلسطينية بأنها حق أصيل للشعب الفلسطيني، مجدداً دعوته لوقف القتال كشرط أساس لإحياء حل الدولتين.
وتماشياً مع هذا الموقف، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، من أستراليا، إن الوضع في غزة لا يمكن الدفاع عنه، داعياً إلى تحرك دولي فوري.
ألمانيا: الاعتراف يجب أن يكون الخطوة الأخيرة
في برلين، لا تزال التحفظات تطغى على المواقف، إذ صرح متحدث باسم الحكومة الألمانية أن بلاده لا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في المدى القريب، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ينبغي أن تكون جزءاً من تسوية شاملة ضمن حل الدولتين.
وأكدت الحكومة الألمانية أن أمن إسرائيل يشكل أولوية قصوى، وأن أي خطوة أحادية مثل الاعتراف خارج سياق تفاوضي قد تعرقل جهود إحلال السلام بدل أن تعززها.
روما: الاعتراف يجب أن يكون متبادلاً
أما إيطاليا، فقد عبّرت عن موقف وسطي مشروط، حيث قال وزير الخارجية أنطونيو تاياني إن بلاده تؤيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكنه شدد على أن هذا الاعتراف يجب أن يكون متبادلاً، أي أن تعترف الدولة الفلسطينية المستقبلية بدولة إسرائيل.
وأضاف تاياني، خلال اجتماع حزبي في روما، أن عدم اعتراف فلسطين بإسرائيل يعني استحالة التوصل إلى حل حقيقي، في موقف يعكس الرؤية الإيطالية التي تشترط الاعتراف المتبادل كأساس للتقدم.
انقسام أوروبي
في المحصلة، تتجه بعض العواصم الأوروبية نحو مواقف أكثر جرأة في دعم الدولة الفلسطينية، بينما تفضل أخرى إبقاء الاعتراف مؤجلاً حتى تتوفر الظروف السياسية المناسبة.
ويأتي هذا في وقت يزداد فيه الضغط الدولي لإنهاء الحرب على غزة، في ظل واقع إنساني متدهور واستعصاء سياسي مستمر.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود تحت أنقاض المباني المدمرة، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.