مصر تعتزم طرح حزمة استثمارية تستهدف جذب الشركات الأمريكية

في محاولة جادة لإنعاش الاقتصاد المصري وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن، يقود رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مبادرة استثمارية طموحة تستهدف جذب الشركات الأمريكية، عبر حزمة جديدة من الحوافز تركز على قطاعات رئيسية مثل المناطق الصناعية، والخدمات اللوجستية، والموانئ.
استعدادات حكومية
وخلال اجتماع حكومي عُقد يوم الإثنين، استعرض مدبولي مع عدد من الوزراء ملامح هذه الحزمة، مؤكدًا التزام الدولة بتذليل العقبات أمام المستثمرين الأمريكيين، في إطار رؤية مصر 2030، التي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 8%، وتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 10% بحلول عام 2030.
وأشار رئيس الوزراء إلى أهمية الإسراع في إعداد تفاصيل الحزمة الاستثمارية، تمهيدًا لعرضها على كبرى الشركات الأمريكية، وذلك في ضوء الحاجة الملحة للاستثمارات الأجنبية بعد أزمة اقتصادية حادة ضربت البلاد منذ عام 2022.
الاقتصاد المصري من الانكماش إلى التعافي
تأتي هذه المبادرة في وقت حساس، بعدما شهدت مصر أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود، تسببت في نقص حاد بالعملة الأجنبية، وقفز التضخم إلى 38% في سبتمبر 2023، وسط تزايد الدين العام.
وعززت جائحة كوفيد-19، والحرب الروسية الأوكرانية، ثم الحرب في غزة، من حدة هذه الأزمة، مع تداعيات كبيرة على السياحة، والواردات الغذائية، وعائدات قناة السويس.
لكن بوادر التعافي بدأت تظهر مع توقيع اتفاق إنقاذ مالي مع صندوق النقد الدولي في مارس 2024 بقيمة 8 مليارات دولار، شمل إجراءات تقشفية أبرزها التشديد النقدي وخصخصة الشركات الحكومية المتعثرة.
وبدأت هذه الخطوات تؤتي ثمارها، مع انخفاض التضخم إلى 14.9% بحلول يونيو 2025، ما عزز البيئة الاستثمارية ومهّد الطريق أمام صفقات كبيرة مثل مشروع رأس الحكمة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 35 مليار دولار.
علاقة اقتصادية راسخة مع واشنطن
يشار إلى أن علاقة مصر الاقتصادية بالولايات المتحدة ليست جديدة بل تمتد لعقود، حيث تعمل أكثر من 1800 شركة أمريكية في السوق المصرية، بإجمالي استثمارات بلغ 47 مليار دولار خلال العقدين الماضيين.
وسجلت التجارة الثنائية بين البلدين 3.04 مليار دولار في عام 2024، وفقًا لما أعلنه مدبولي خلال مشاركته في منتدى القادة السياسيين المصري-الأمريكي في مايو 2025.
وتعد الولايات المتحدة بذلك أكبر شريك تجاري للقاهرة، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من التعاون رغم التحديات.
آفاق التحول إلى مركز استثماري
الخبير الاقتصادي أحمد معطي رأى أن المنافسة الإقليمية من دول مثل الإمارات والسعودية، والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، قد تشكل تحديًا أمام جذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية.
لكن في نفس الوقت أشار الخبير الاقتصادي إلى أن مصر تمتلك مزايا تنافسية مهمة، مثل الموقع الجغرافي الاستراتيجي، والسوق الاستهلاكي الواسع، والعمالة الشابة.
وتراهن الحكومة على أن الحوافز الجديدة – مثل الإعفاءات الضريبية، وتيسير تخصيص الأراضي – يمكن أن تجعل من مصر مركزًا استثماريًا إقليميًا حيويًا، بشرط الحفاظ على زخم الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز الشفافية، وتحسين مناخ الأعمال، وفق معطي.