اختنقوا في مواقعهم.. مصرع 4 مهندسين أثناء عملهم في سنترال رمسيس

لم يكن يدري المهندسون الأربعة أن يومهم العملي المعتاد في سنترال رمسيس سيكون الأخير، ولم يتخيل أحد أن مكاتبهم التي شهدت اجتهادهم وسعيهم الدؤوب ستتحول إلى نقطة النهاية.
وسط ألسنة اللهب والدخان الكثيف، حاولوا النجاة، لكن الوقت لم يُمهلهم، فكان الرحيل صامتًا، اختناقًا وسط دخان حريق التهم المكان؛ رحلوا في أماكنهم، وعلى مكاتبهم، تاركين خلفهم حزنًا كبيرًا وأسئلة معلقة في صدور من عرفوهم ورافقوهم.
مع وصول عقارب الساعة إلى السادسة من مساء أمس الإثنين، وبينما كانت منطقة وسط البلد بالقاهرة تستعد لحلول المساء والهدوء، واستقبال الأسر الخارجة من منازلها هربًا من حرارة الجو، اندلعت النيران فجأة داخل سنترال رمسيس، أحد أهم المراكز الحيوية في قلب العاصمة.
تصاعد الدخان بسرعة، وامتدت ألسنة اللهب في أروقة المبنى العتيق، وبدأت سيارات الإطفاء والإسعاف تتوافد من كل اتجاه، في محاولة للسيطرة على الحريق وإنقاذ من يمكن إنقاذه.
لكن في أحد الطوابق التي التهمتها النيران، كان أربعة مهندسين يجلسون في أماكنهم... كما هم؛ لم يكن في نيتهم أن يغادروا مكاتبهم بهذه الطريقة.
محمد طلعت، أحمد رجب، أحمد الدرس، ووائل مرزوق... أسماء حفظها المبنى، وشهدت جدرانه على لحظاتهم الأخيرة. كانوا يعملون كعادتهم، ولم يعلموا أن الدخان سيغدر بهم قبل أن تصل إليهم يد للنجاة.
ومع مرور الوقت، تمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على جانب كبير من الحريق، وبدأت عمليات التبريد والتمشيط داخل المبنى المحترق.
وأثناء دخول القوات للطابق الذي كان في قلب النيران، كانت المفاجأة: أربعة رجال بلا حراك، على مكاتبهم، وكأنهم لم يغادروا يومهم، لم تفلح محاولاتهم في النجاة، ولم تنجح الاتصالات ولا الاستغاثات في إنقاذهم.
نُقلت الجثامين إلى المستشفى وسط حالة من الحزن والذهول؛ رجال لم يتأخروا يومًا عن عملهم، وكانوا يؤدون واجبهم حتى الرمق الأخير، انتهت حياتهم في مكان عملهم، وسط دخان كثيف ونيران لم تمهلهم حتى فرصة الوقوف على أقدامهم.
زملاؤهم في السنترال لم يصدقوا المشهد، بعضهم بكى، وآخرون ظلوا يرددون أسماءهم في صمت، كأنهم ينتظرون ردًّا، كيف يرحلون هكذا؟ كانوا هنا منذ ساعات، يضحكون، يناقشون الأعطال... لم يكن في الوداع كلمات، فقط وجع صامت يخيم على المكان.
رحل المهندسون الأربعة في صمت، لكن حكايتهم ستظل محفورة في ذاكرة كل من عرفهم.