رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

طفرة في طلب الغاز المسال.. مصر تكرّس مكانتها كلاعب إقليمي في سوق الطاقة العالمية

حقل غاز طبيعي في
حقل غاز طبيعي في البحر الأبيض المتوسط

تشهد مصر تحولاً استراتيجياً بارزاً في سياستها المتعلقة بالطاقة، بعد أن أصبحت مجدداً من كبار مستوردي الغاز الطبيعي المسال على المستوى العالمي، في ظل مساعٍ واضحة لتأمين احتياجاتها خلال فترات الذروة وضمان استقرار سوق الكهرباء داخلياً.

عودة كمستورد رئيسي للغاز المسال

عادت مصر خلال العام الماضي إلى الساحة كمستورد نشط للغاز الطبيعي المسال، مع خطط واضحة لزيادة الواردات حتى عام 2028، مما يعكس تغيرًا في الأولويات الاستراتيجية لقطاع الطاقة، خاصة مع تنامي الاستهلاك في فصل الصيف.

مناقصات كبرى وشراكات مع شركات عالمية

شهد عام 2025 نشاطًا لافتًا في طرح مناقصات شراء الغاز المسال، حيث أطلقت مصر مناقصة شملت أكثر من 100 شحنة، قبل أن تستقر على شراء ما بين 40 إلى 60 شحنة.

ومع 60 شحنة إضافية تم التعاقد عليها مسبقًا مع شركتي توتال إنرجيز وشل، يُتوقع أن يتراوح إجمالي الاستيراد هذا العام بين 100 و120 شحنة، أي ما يعادل نحو 7.0 إلى 8.4 مليون طن.

اتفاقات طويلة الأجل حتى 2028

تسعى الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) لإبرام اتفاقات توريد تمتد من 18 شهرًا إلى 3 سنوات، حيث تلقت 14 عرضًا من موردين دوليين، فيما تم تخصيص شحنات من شركات مثل فيتول وهارتري وأرامكو بأسعار تنافسية بزيادة 0.70 دولار/ مليون وحدة حرارية عن مؤشر TTF الأوروبي.

تأثير مباشر على السوق العالمية

ارتفاع الطلب المصري، الذي يُقدّر هذا الصيف بـ110 شحنات (نحو 7.7 مليون طن)، يضغط على الأسواق العالمية ويقلص من كميات الغاز الفوري المتاحة، خاصة في شمال غرب أوروبا، بحسب مراقبين.

ويتوقع محللون أن يشهد السوق نقصًا يقدر بـ2.1 مليون طن خلال صيف 2025، رغم توقعات بفائض قدره 3 ملايين طن على مدار العام.

مرونة في توقيت الاستيراد لتخفيف الضغط

أظهرت مصر مرونة لافتة في إدارة الاستيراد، حيث جرى تأجيل شحنات مقررة للربع الأخير من 2024 إلى الربع الأول من 2025، لتجنب الضغط على السوق العالمي، وتوزيع الطلب وفق احتياجات الداخل.

تعزيز البنية التحتية لاستيراد الغاز

تقوم مصر بتطوير بنيتها التحتية لاستقبال الغاز المسال من خلال نشر وحدات التخزين والتغويز العائمة (FSRUs)، فقد بدأت وحدة إنرجوس إسكيمو العمل بعقد إيجار لمدة 10 سنوات مع "إيجاس"، بعد مغادرتها لمحطة العقبة بالأردن.

وستنضم إليها وحدات هويج جاليون، وإنرجوس باور، وبوتاس المستأجرة، ضمن خطة متكاملة لتوسيع القدرة الاستيعابية.

مساعدات مالية وتمويل دولي

على الصعيد المالي، حصلت مصر على دعم من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.2 مليار دولار، كما توصلت لاتفاق مبدئي مع الاتحاد الأوروبي للحصول على 4 مليارات يورو كمساعدات مالية كلية.

هذا الدعم، إلى جانب زيادة صادرات مصر من اليوريا، ساعد في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، مما يسهّل تمويل صفقات الغاز.

تنويع مصادر الطاقة والتمويل

ضمن جهود تنويع موارد الطاقة، استوردت مصر مليون طن من زيت الوقود لتشغيل محطات الكهرباء التقليدية خلال الصيف، مما يعكس سعي الحكومة لتأمين بدائل تغنيها عن الاعتماد الكامل على الغاز.

ويمتد هذا التنويع إلى مصادر التمويل لضمان مرونة في التعامل مع تقلبات السوق العالمية.

مصر كمركز إقليمي للطاقة

تعكس هذه التحركات رؤية استراتيجية لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، تماشياً مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتؤكد استعداد الدولة لمواجهة أي اضطرابات إقليمية أو ارتفاعات موسمية في الطلب، بما يضمن استمرار توافر الكهرباء واستقرار السوق المحلي.

تم نسخ الرابط