خاص.. الرقابة الغائبة.. لماذا لا تنخفض الأسعار في مصر رغم تراجع الدولار والتضخم؟

للشهر الثاني على التوالي، يواصل أسعار الدولار في مصر التراجع المستمر، والذي سجل أكثر من 2 جنيه، كما أن التضخم هبط من مستويات قياسية وسجل قرابة الـ14٪، لكن أسعار السلع لا تزال ثابتة أو في تزايد.
لماذا لا تتراجع الأسعار في مصر؟
في هذا التقرير يسلط موقع تفصيلة الضوء على أهم الأسباب التي تؤدي إلى عدم تراجع الأسعار في الوقت الحالي، مع الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي.
انخفاض الدولار أمام الجنيه
أكد الإدريسي، أنه على الرغم من التراجع الملحوظ في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري خلال مايو 2025، والذي وصل إلى نحو 49.69 جنيهًا للشراء و49.79 جنيهًا للبيع وفقًا لبيانات البنك المركزي، إلا أن أسعار السلع والخدمات في الأسواق المصرية لم تشهد الانخفاض المتوقع.
هذا يأتي في وقت أعلنت فيه الجهات الرسمية استقرارًا نسبيًا في معدلات التضخم، حيث سجل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 13.9% في أبريل 2025، مقارنة بذروته البالغة 38% خلال الأشهر الماضية.
الأسعار مرتفعة لا تناسب التحسن الاقتصادى
وأضاف الإدريسي، أنه رغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن المواطن لا يزال يواجه أسعارًا مرتفعة لا تتناسب مع التحسن النسبي في المؤشرات الاقتصادية.
جمود في الأسعار
وكشف الخبير الاقتصادي، أن الأسباب متعددة ومعقدة، في مقدمتها ما يعرف اقتصاديًا بـ”جمود الأسعار” أو Price Stickiness، وهي ظاهرة تشير إلى بطء استجابة الأسعار للمتغيرات الاقتصادية، خاصة في الأسواق التي يغلب عليها الطابع الاحتكاري أو شبه الاحتكاري.
عدم الثقة في ثبات الأسعار
وتابع أن الكثير من التجار لا يعمدون إلى خفض الأسعار سريعًا، خصوصًا في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق، وخشيتهم من حدوث موجات جديدة من ارتفاع الدولار أو تكلفة الاستيراد، مما يدفعهم إلى تثبيت الأسعار أو زيادتها تحسبًا لأي تقلبات مستقبلية.
وأكمل الإدريسي، أن السوق المصري يعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة أو على مدخلات إنتاج أجنبية، إذ تشير تقديرات اتحاد الصناعات المصرية إلى أن ما يزيد عن 65% من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج يتم استيرادها.

السلع في الأسواق بسعر الدولار المرتفع
وأضاف أنه على الرغم من تحسن سعر صرف الجنيه، إلا أن البضائع المتداولة في السوق اليوم قد تم استيرادها أو تصنيعها خلال فترة ارتفاع الدولار إلى أكثر من 55 جنيهًا في السوق الموازية، ما يعني أن أسعارها الحالية لا تزال تعكس التكلفة المرتفعة السابقة.
ارتفاع تكلفة النقل
وأشار الخبير الاقتصادي، أنه يُضاف أيضا تكلفة النقل واللوجستيات التي لم تتراجع، بل على العكس لا تزال مرتفعة، متأثرة بزيادة أسعار قطع الغيار ورسوم الصيانة والضرائب، بجانب إعلان الحكومة عن رفع تدريجي للدعم عن المحروقات حتى نهاية 2025 ما يجعل التجار أكثر حذرًا في تخفيض الأسعار، تحسبًا لزيادات مستقبلية في التكلفة.
ضعف الرقابة في الأسواق
وأضاف الإدريسي أن من ضمن الأسباب أيضا، الرقابة الضعيفة التي لها دورًا محوريًا في استمرار الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، إذ تشير تقارير جهاز حماية المستهلك إلى وجود تفاوتات في أسعار بعض السلع الأساسية تصل إلى 30% بين محافظة وأخرى، بل وأحيانًا داخل نفس المدينة، ويرجع ذلك إلى غياب منظومة تسعير واضحة أو آليات فاعلة لمراقبة الأسواق ومنع الممارسات الاحتكارية.
التأثير في الانخفاض يحدث بعد فترة
واختتم كلامه قائلا: "إن تحسن المؤشرات الاقتصادية لا ينعكس تلقائيًا على الأسعار إلا بعد مرور فترة من الاستقرار الفعلي، وإعادة تدوير البضائع بتكاليف أقل، إلى جانب تدخل رقابي حاسم يعيد الانضباط للسوق، وحتى يتحقق ذلك، سيظل المواطن يتحمل عبء الأسعار المرتفعة رغم ما يراه من أرقام إيجابية على الورق".