كواليس تحركات الأحزاب لتجهيز مقترحات بديلة لمشروع قانون الإيجار القديم (خاص)

بدأت عدد من الأحزاب المصرية الكبرى تجهيز مقترحات وتشريعات بديلة لمشروع قانون "الإيجار القديم"، في محاولة للبحث عن توازن عادل بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من فقدان الشعبية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة.
مستقبل وطن يخشى فقدان الشعبية
وعلمت "تفصيلة" من مصادر مطلعة، أن حزب مستقبل وطن يعكف حاليا على إعداد مشروع قانون متكامل بشأن الإيجار القديم، يحقق التوازن المطلوب دون الإضرار بمصالح الملاك أو المستأجرين، كما أكدت المصادر أن الحزب يخشى من فقدان رصيده الشعبي في الشارع إذا ما تم تمرير تعديلات غير مدروسة في هذه الفترة الحساسة.
قانون الإيجار القديم
وأشارت المصادر إلى أن مشروع الحزب يتضمن فترة انتقالية لا تقل عن عشر سنوات، بشرط أن تعمل الدولة على توفير وحدات سكنية بديلة للمستأجرين بأسعار مناسبة ومدد سداد طويلة، ما يتيح حلاً تدريجيًا وإنسانيًا للأزمة.
خلافات داخلية بشأن الإيجار القديم
لكن داخل أروقة الحزب ذاته، برز تيار آخر يرى ضرورة رفع القيمة الإيجارية فقط في الوقت الحالي، مع تأجيل تعديل العلاقة التعاقدية إلى البرلمان القادم، مستندين إلى أن الإحصاءات الرسمية المتوفرة ومنها بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تعود لعام 2017، ولا تعكس الواقع بدقة.
الجبهة الوطنية: التعديل المؤجل أفضل حتى تتوفر البيانات
من جهته، صرح النائب سليمان وهدان، عضو مجلس النواب والأمين العام للأمانة المركزية لشؤون المجالس النيابية بـحزب الجبهة الوطنية، لـ"تفصيلة"، بأن رؤية الحزب تركز على تحريك القيمة الإيجارية فقط، دون التطرق في هذه الدورة إلى إنهاء العلاقة التعاقدية، حتى تتوفر بيانات دقيقة وشاملة تسمح بدراسة متأنية للآثار الاجتماعية والاقتصادية.

بدء دراسة ملف الإيجار القديم
وأكدت مصادر لـ«تفصيلة» من داخل الحزب الجبهة الوطنية أنه رئيس الحزب قرر تأجيل أي تعديلات جوهرية إلى الدورة البرلمانية المقبلة، مشيرًا إلى أن الدكتور عاصم الجزار، رئيس الحزب، أعطى تعليماته للجان المختصة ببدء دراسة ملف الإيجار القديم بشكل متكامل استعدادًا للدور التشريعي المقبل.
وأكدت مصادر من داخل الحزب أن التوجه الحالي هو الامتثال لقرار المحكمة الدستورية بتحريك الأجرة القانونية فقط، دون تعديل شامل للقانون، حفاظًا على استقرار العلاقة بين الطرفين، وتجنبًا لأي اضطرابات اجتماعية.
الوفد: مفاجأة تشريعية مرتقبة
أما النائبة أميرة أبو شقة، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، فكشفت أن الحزب أعد بالفعل مذكرة تشريعية قد ترتقي إلى مشروع قانون متكامل، ومن المنتظر عرضه خلال اجتماع الحزب المقرر غدًا.

ورفضت أبو شقة الكشف عن ملامح المشروع خلال حديثها ل" تفصيلة"، مكتفية بالقول: "بكرا هتشوفوا مفاجأة كبيرة من الوفد، مشروع قانون يراعي الطرفين، المالك والمستأجر". وانتقدت النائبة بشدة مشروع الحكومة، مشيرة إلى أن به ثغرات قانونية واضحة، وأن الحكومة اختارت أن تلقي الأزمة إلى البرلمان دون تقديم حل تشريعي متكامل.
وأضافت: "ملف الإيجارات القديمة أصبح مسألة أمن قومي، وطرفا الأزمة لا يطلبان سوى الستر، لكن الحكومة تتعامل بمنطق الخصومة، لا الحلول."
حماة الوطن: نرفض الانحياز.. والحوار المجتمعي هو الحل
وفي السياق ذاته، أكد النائب أشرف أبو النصر، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن بمجلس الشيوخ، وأمين أمانة التنمية والتواصل مع المستثمرين بالحزب، أن حزبه يدعو إلى إعادة النظر في مقترح الحكومة بشأن تعديلات الإيجار القديم.

وشدّد أبو النصر، في تصريحات خاصة لـ"تفصيلة"، على أهمية تحقيق التوازن وعدم الانحياز لطرف على حساب طرف آخر، مثمنًا في الوقت نفسه فتح البرلمان الباب أمام الحوار المجتمعي بمشاركة المختصين والخبراء، لضمان حل عادل ومتوازن للأزمة.
أحزاب تسابق الزمن لكسب ثقة الشارع
بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم بلغ أكثر من 3 ملايين وحدة، بنسبة تقارب 7% من إجمالي الوحدات السكنية في مصر، ما يعكس حجم الأزمة وتشعبها.

في ظل هذه الأرقام، يبدو واضحا أن الأحزاب السياسية تحاول اقتناص اللحظة وتقديم نفسها كطرف فاعل في الحل، وسط إدراك عميق بأن ملف الإيجار القديم أصبح قضية أمن اجتماعي وسياسي في الوقت ذاته، وأن التعاطي معه لا يمكن أن يتم بمنطق الترضيات أو القرارات الأحادية.