رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

التاريخ والجغرافيا شاهدان.. مصر عمود الاستقرار في الشرق الأوسط

علم مصر
علم مصر

في قلب الشرق الأوسط، تتربّع مصر بثقلها الجغرافي، والتاريخي، والثقافي، والسياسي كلاعبٍ محوري في تشكيل ملامح المنطقة، من موقعها الاستراتيجي بين ثلاث قارات، إلى قوتها البشرية والعسكرية، لا تزال مصر تمثل دعامة أساسية للاستقرار، وبوابة رئيسية لأي تحوّل إقليمي حقيقي.

موقع استراتيجي وثقل سكاني

تقع مصر عند مفترق طرق بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتتحكم في واحد من أهم الممرات المائية في العالم: قناة السويس، هذا الموقع يمنحها نفوذًا لا مثيل له في مجالات النقل والتجارة العالمية، كما تحتضن مصر أكبر كتلة سكانية في العالم العربي، ما يجعلها سوقًا ضخمًا ومركزًا للثقافة والتأثير الشعبي في المنطقة.

قوة سياسية وأمنية مؤثرة

تاريخيًا، كانت مصر صوت العرب في المحافل الدولية، من مؤتمرات عدم الانحياز إلى اتفاقيات السلام، ومن دعم القضية الفلسطينية إلى الوساطات الإقليمية في السودان وليبيا وغزة، حيث لعبت دور الوسيط، والضامن، والراعي للسلام. 

وتمتاز القاهرة بقدرتها على الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف المتنازعة، من واشنطن إلى طهران، ومن الرياض إلى تل أبيب، ما يمنحها قدرة فريدة على تحريك ملفات مجمّدة وتحقيق تفاهمات نادرة.

على الصعيد الأمني، تمتلك مصر أحد أقوى الجيوش في المنطقة، وتلعب دورًا مركزيًا في مكافحة الإرهاب والتصدي للتهديدات العابرة للحدود، سواء داخل حدودها في سيناء، أو من خلال التنسيق مع دول الجوار مثل ليبيا والسودان، كما أن مشاركتها في التحالفات الدولية والعربية جعلت منها ركيزة أمنية لا يمكن الاستغناء عنها.

القوة الناعمة

تلعب القوة الناعمة المصرية دورًا كبيرًا في ترسيخ مكانتها الإقليمية، السينما، والموسيقى، والتعليم، والدين، كلها أدوات عززت من تأثير مصر في العقول والقلوب لعقود، ويُعد الأزهر الشريف أحد أبرز المراجع الإسلامية في العالم، ومرجعية للاعتدال الديني في منطقة تشهد تصاعدًا في موجات التطرف.

كذلك تُعد الدراما المصرية من أكثر أدوات التأثير الثقافي انتشارًا، حيث تُبث في كل بيت عربي وتساهم في صياغة الوعي الجمعي ونقل صورة مصر إلى المنطقة والعالم.

صوت الاعتدال في زمن الاستقطاب

وسط التصاعد في الانقسامات الطائفية والسياسية، تُقدِّم مصر نفسها كصوتٍ للاعتدال والحلول الوسط، فهي لا تنخرط في محاور متضادة، بل تحافظ على علاقات متوازنة مع الجميع، وتعمل على مدّ جسور الحوار بدلًا من تغذية الصراعات.

التحديات الاقتصادية والدور المستقبلي

ورغم التحديات الاقتصادية التي تمر بها، تسعى مصر لتحويل هذه التحديات إلى فرص عبر جذب الاستثمارات، وتوسيع شراكاتها الإقليمية والدولية، وتنفيذ مشاريع بنية تحتية كبرى، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، وتوسعة قناة السويس.

كما تسعى القاهرة إلى تعزيز تعاونها مع إفريقيا ولعب دور أكبر في شرق المتوسط، خصوصًا في ملف الغاز والطاقة، لتعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة.

التمويل الخليجي والتحولات الاستراتيجية

منذ أحداث الربيع العربي، تلقت مصر دعمًا ماليًا كبيرًا من دول الخليج، وخاصة بعد 2013، في إطار دعم الاستقرار وتعزيز الشراكة الإقليمية، هذا الدعم لم يكن فقط لمساندة الدولة المصرية، بل جاء انطلاقًا من قناعة خليجية بدور مصر المحوري في حفظ توازن القوى في المنطقة.

غير أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا في توجهات دول الخليج نحو تنويع تحالفاتها وتعزيز استثماراتها في الغرب، لا سيما في الولايات المتحدة، وتظهر هذه الاستراتيجية من خلال ضخ مليارات الدولارات في الشركات الأمريكية، وصناديق التكنولوجيا، وصفقات التسلح، بالإضافة إلى استثمارات في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي.

لماذا تتجه الأموال الخليجية غربًا؟

هذا التوجّه لا يعكس تخليًا عن مصر أو الشركاء الإقليميين، بل يمثل تحوّلًا في فلسفة الاستثمار الخليجي، من الدعم المباشر إلى الشراكات المستدامة، حيث تسعى دول الخليج إلى بناء نفوذ دولي من خلال أدوات اقتصادية واستثمارية، مع الحرص على تنويع مصادر القوة والربح.

في هذا الإطار، تبقى مصر شريكًا محوريًا، وتعمل على تعزيز جاذبيتها الاستثمارية من خلال بيئة أعمال أكثر انفتاحًا، وقد أطلقت الحكومة المصرية عدة مبادرات مثل برنامج الطروحات الحكومية، وتسهيل إجراءات التراخيص، والعمل على إصلاحات هيكلية في مجال الشفافية، وتقليص البيروقراطية، وتعزيز استقلالية السوق.

مصر شريك لا غنى عنه

في الوقت الراهن، تعمل مصر على توظيف موقعها الجغرافي ومكانتها السياسية كبوابة للقارة الإفريقية ومركز للربط بين آسيا وأوروبا، لتقدّم نفسها كشريك استراتيجي لا غنى عنه، ليس فقط لدول الخليج، بل للعالم أجمع.

تم نسخ الرابط