رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

مصحات الموت في الظل.. لماذا يهرب مرضى الإدمان من العلاج المرخّص؟

حسام عبد الغفار
حسام عبد الغفار

في وقت تتسع فيه رقعة الوعي المجتمعي بخطورة الإدمان باعتباره مرضًا يحتاج إلى علاج متخصص، لا عقابًا أو وصمًا، لا تزال ظاهرة اللجوء إلى المراكز غير المرخصة لعلاج الإدمان تفرض نفسها بقوة على المشهد الصحي في مصر، مهددة حياة المرضى، وكاشفة عن فجوة نفسية واجتماعية بين المتعالجين والمنظومة العلاجية الرسمية.
هذه الظاهرة الخطيرة أعاد تسليط الضوء عليها الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، في تصريحات حاسمة كشفت حجم المشكلة وأسبابها، وأطلقت تحذيرًا صريحًا للمواطنين من الوقوع فريسة لمراكز وهمية تعمل خارج القانون.


نداء رسمي للباحثين عن العلاج: «اسأل قبل ما تروح»

في مداخلة هاتفية ببرنامج «الصورة» الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة قناة النهار، وجّه متحدث وزارة الصحة رسالة مباشرة وواضحة لكل من يفكر في علاج الإدمان، داعيًا إلى التحقق أولًا من قانونية المكان قبل التوجه إليه.

وقال عبدالغفار بنبرة تحذيرية: «اللي عاوز يتعالج من الإدمان ممكن يتصل على الخط الساخن 16023 أو على رقم 0120747474، ويتأكد من ترخيص المكان، ونناشد الناس تعمل كده، ترفع سماعة التليفون وتسأل».

وأكد أن هذه الخطوة البسيطة قد تنقذ حياة مريض، وتحميه من الوقوع في قبضة مراكز غير مؤهلة طبيًا، تمارس أنشطة علاجية بلا إشراف أو رقابة، وغالبًا ما تعتمد على أساليب قسرية أو غير علمية.

مراكز حكومية مجانية.. وخيارات خاصة مرخصة

شدّد متحدث وزارة الصحة على أن الدولة لا تترك مرضى الإدمان بلا بدائل، موضحًا أن هناك شبكة واسعة من المراكز الحكومية المجانية التي تقدم خدمات علاج الإدمان وفقًا للمعايير الطبية المعتمدة.

وأضاف: «بخلاف وجود مراكز حكومية مجانية تقوم بهذا الغرض، لو الشخص عاوز مركزًا خاصًا، لازم قبل ما يتوجه له يرفع سماعة التليفون ويتأكد إن المكان مرخص.

هذا التأكيد يعكس محاولة الوزارة إزالة الذريعة التي يتذرع بها البعض بأن العلاج الآمن غير متاح، أو أن الخيارات الرسمية محدودة، وهو ما نفاه عبدالغفار بالأرقام والوقائع.

أرقام صادمة.. إغلاق عشرات المراكز الوهمية خلال عام واحد

كشفت وزارة الصحة، على لسان متحدثها الرسمي، عن حجم الحملات الرقابية التي استهدفت المراكز غير المرخصة، والتي أظهرت انتشارًا مقلقًا لهذه المنشآت في عدد من المحافظات.

وأوضح عبدالغفار أنه خلال النصف الأول من عام 2025 تم ضبط وإغلاق 112 منشأة غير مرخصة لعلاج الإدمان في محافظات: القاهرة، الإسكندرية، الجيزة، الإسماعيلية، الفيوم.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمرت الحملات الرقابية لتسفر عن إغلاق 25 منشأة أخرى في يوليو 2025 في مناطق: البدرشين، الشيخ زايد، الشروق.


إغلاق 15 منشأة إضافية في أكتوبر 2025 بمحافظة الجيزة


هذه الأرقام لا تعكس فقط حجم المخالفة، بل تكشف عن سوق خفي يتغذى على معاناة المرضى وأسرهم، مستغلًا خوفهم وجهلهم بحقوقهم العلاجية.

لماذا يهرب المرضى إلى المراكز غير المرخصة؟

في محاولة لتفكيك الظاهرة من جذورها، حدد متحدث وزارة الصحة سببين رئيسيين يدفعان بعض مرضى الإدمان إلى طرق أبواب هذه المراكز الخطرة.

أولًا: الخوف من الوصمة الاجتماعية

أوضح عبدالغفار أن العامل النفسي والاجتماعي لا يزال يلعب دورًا محوريًا في قرارات المرضى، قائلًا إن الخوف من نظرة المجتمع يدفع البعض إلى البحث عن أماكن بعيدة عن الأضواء، حتى لو كانت غير قانونية أو غير آمنة.

وأضاف أن هذا الخوف غير مبرر، خاصة في ظل وجود: 284 مركزًا مرخصًا لعلاج الإدمان موزعة على مستوى الجمهورية بين مراكز حكومية وخاصة وهو ما يؤكد أن الدولة وفّرت بنية علاجية واسعة، لكن المشكلة تكمن في الحواجز النفسية لا في نقص الخدمات.

ثانيًا: القلق من سرية البيانات

السبب الثاني، بحسب عبدالغفار، هو اعتقاد بعض المرضى أن بياناتهم الشخصية قد تُفشى إذا لجأوا إلى مراكز مرخصة، وهو اعتقاد وصفه بغير الصحيح.

وأكد أن القانون رقم 71 لسنة 2009 الخاص بالصحة النفسية ينص بوضوح على: سرية تامة لبيانات المتعالجين من الإدمان وحظر تداول أو إفشاء أي معلومات تخص المرضى، وتطبيق ذلك داخل جميع المراكز المرخصة دون استثناء.

وشدّد على أن أي انتهاك لهذه السرية يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، ما يضمن حماية قانونية كاملة للمرضى.

تم نسخ الرابط