حقنة البرد القاتلة.. تحذيرات طبية تكشف خطرًا صامتًا يهدد حياة الملايين
في كل موسم شتاء، ومع تزايد حالات نزلات البرد والإنفلونزا، تتكرر مشاهد الطوابير أمام بعض العيادات والصيدليات بحثًا عما يُعرف شعبيًا بـ«حقنة البرد»، تلك الحقنة التي يُروَّج لها باعتبارها الحل السريع والسحري لإنهاء أعراض الزكام خلال ساعات ورغم انتشارها الواسع بين المواطنين، إلا أن التحذيرات الطبية الأخيرة أعادت فتح ملف هذه الحقنة المثيرة للجدل، كاشفة عن مخاطر صحية جسيمة قد تصل في بعض الحالات إلى الوفاة.
تحذير رسمي من أستاذ مناعة
أشرف عقبة، رئيس أقسام الباطنة والمناعة السابق بجامعة عين شمس، أطلق تحذيرًا واضحًا وصريحًا من خطورة ما يُعرف بحقنة نزلات البرد، مؤكدًا أنها لا تستند إلى أي أساس طبي أو علمي معترف به.
وأوضح عقبة، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح الخير يا مصر» المذاع على القناة الأولى، أن هذه الحقنة ليست علاجًا معتمدًا، بل هي تركيبة شخصية يتم إعدادها بشكل غير علمي، وتضم خليطًا من المسكنات والمضادات الحيوية دون تشخيص دقيق أو حاجة طبية حقيقية.
تخفيف مؤقت.. وأضرار ممتدة
بحسب ما أكده رئيس أقسام الباطنة والمناعة السابق، فإن التأثير الإيجابي الذي يشعر به بعض المرضى بعد الحصول على الحقنة لا يتجاوز كونه تحسنًا مؤقتًا في الأعراض، سرعان ما يختفي، ليترك وراءه أضرارًا صحية قد تكون بالغة الخطورة.
وأشار إلى أن الحقنة قد تخدع المريض بإحساس زائف بالتحسن، بينما تعمل في الخفاء على إحداث خلل داخل أجهزة حيوية في الجسم، نتيجة التعرض المفاجئ لمزيج دوائي غير متوازن.
خطر الحساسية المميتة
من أخطر ما حذّر منه أشرف عقبة هو ردود الفعل التحسسية العنيفة التي قد تنتج عن مكونات حقنة البرد.
وأوضح أن المسكنات والمضادات الحيوية التي تُحقن مباشرة في الجسم قد تُسبب حساسية شديدة ومفاجئة، تصل في بعض الحالات إلى صدمة تحسسية تهدد الحياة، وقد تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم التعامل معها طبيًا وبشكل فوري.
وأكد أن هذه المخاطر تتضاعف لدى الأشخاص الذين لا يعلمون مسبقًا بوجود حساسية لديهم تجاه أحد مكونات الحقنة.
تأثيرات خطيرة على الكلى والأوعية الدموية
لم تتوقف التحذيرات عند حدود الحساسية فقط، بل امتدت لتشمل تأثيرات مباشرة على الكلى والجهاز الدوري.
وأشار عقبة إلى أن بعض مكونات الحقنة تُشكّل عبئًا كبيرًا على الكلى، وقد تؤدي إلى تدهور وظائفها، خاصة عند كبار السن أو المرضى الذين يعانون من مشكلات صحية سابقة.
كما لفت إلى أن الأوعية الدموية قد تتأثر سلبًا نتيجة التداخل الدوائي غير المدروس، ما يرفع من احتمالات حدوث مضاعفات خطيرة
الكورتيزون.. خطر مضاعف لمرضى الأمراض المزمنة
واحدة من أخطر النقاط التي كشف عنها التحذير الطبي، هي احتواء حقنة البرد على مادة الكورتيزون، التي يتم استخدامها دون رقابة أو تقييم لحالة المريض.
وأكد عقبة أن الكورتيزون قد يكون له تأثيرات سلبية شديدة على مرضى السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وضعف المناعة، حيث يؤدي إلى اضطراب معدلات السكر في الدم، ورفع ضغط الدم، وإضعاف قدرة الجسم على مقاومة العدوى.
غياب التشخيص.. جوهر المشكلة
جوهر الأزمة، كما يراها المتخصصون، لا يكمن فقط في مكونات الحقنة، بل في غياب التشخيص الطبي السليم.
فنزلات البرد في معظم الحالات تكون فيروسية، ولا تحتاج من الأساس إلى مضادات حيوية، وهو ما يجعل استخدام هذه الأدوية بشكل عشوائي سببًا مباشرًا في زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات، إلى جانب تعريض المريض لمخاطر لا داعي لها.