قبل الحسم بساعات.. توقعات بخفض أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي
في لحظة تترقب فيها الأسواق المالية أنفاسها، تتجه الأنظار صوب مقر البنك المركزي المصري لمعرفة مصير أسعار الفائدة قبيل ساعات من اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر الخميس 25 ديسمبر 2025.
توقعات أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر الأخير
وتعالت أصوات التوقعات الصادرة عن كبرى المؤسسات المالية، وعلى رأسها إدارة البحوث بشركة "اتش سي"، التي رجحت بقوة إقدام صانع السياسة النقدية على خفض أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس، في خطوة استراتيجية تعكس الثقة المطلقة في تعافي المفاصل الحيوية للاقتصاد القومي، مستندة في ذلك إلى حزمة من المؤشرات الوردية التي توجت بوصول صافي احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى تاريخي ناهز الـ 50.2 مليار دولار.
يأتي هذا تزامنا مع القفزة النوعية في تحويلات المصريين بالخارج التي بلغت 3.7 مليار دولار شهريا، مما خلق حالةً من الوفرة الدولارية التي أدت بدورها إلى استعادة الجنيه المصري لعافيته بنسبة 7% منذ مطلع العام، ليرسم بذلك مشهدا متكاملاً من الاستقرار المالي الذي يمهد الطريق لطي صفحة السياسات التشددية والانتقال نحو عصر التحفيز والنمو.
لماذا يتم خفض أسعار الفائدة؟
هذا التحول المرتقب لا يستند فقط إلى متانة الوضع الخارجي، بل يجد جذوره في تحسن الأداء التشغيلي للقطاع الخاص الذي سجل فيه مؤشر مديري المشتريات (PMI) أعلى مستوياته منذ خمس سنوات، مما يعطي إشارةً خضراء بأن ضغوط التكلفة بدأت في الانحسار تدريجياً، خاصةً مع التوقعات المتفائلة بتراجع معدلات التضخم بفضل تأثير "سنة الأساس"، وهو ما يمنح البنك المركزي المساحة الكافية للتحرك نحو خفض تكلفة الاقتراض دون المساس بجاذبية الاستثمار في أدوات الدين الحكومي.
ولا يزال العائد على أذون الخزانة يقدم فائدة حقيقية مغرية للمستثمرين الأجانب تتجاوز الـ 10%، مدعوما بتراجعٍ حاد في مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان (CDS) الذي هبط إلى 138 نقطة أساس، مما يعزز من مكانة مصر كقبلةٍ آمنة ومربحة لرؤوس الأموال الدولية في ظل بيئةٍ اقتصادية تتسم بالشفافية والقدرة على امتصاص الصدمات.
وبينما يتأهب البنك المركزي لإصدار قراره التاريخي فيما يخص أسعار الفائدة، يلقي المشهد العالمي بظلاله على الطاولة، خاصة بعد قيام الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة في مطلع ديسمبر الجاري، مما يمنح الأسواق الناشئة -وعلى رأسها مصر- مرونة أكبر في خفض أسعار الفائدة المحلية دون الخوف من نزوح الاستثمارات.
وتشير التوقعات إلى خفض أسعار الفائدة 1.5% باعتباره ليست مجرد إجراء تقني، بل هي رسالةٌ سياسية واقتصادية واضحة المعالم تهدف إلى إطلاق العنان للقطاع الخاص المصري ليقود قاطرة التنمية، وتخفيف أعباء التمويل عن كاهل المشروعات الابتكارية والصناعية، في ختام عامٍ استثنائي نجح فيه الاقتصاد المصري في تحويل التحديات إلى فرص، واضعا الجنيه في مسار تصاعدي يعيد صياغة توازنات القوة الشرائية والاستثمارية في المنطقة.
