لغتنا في خطر.. تحذيرات من تراجع العربية أمام اللغات الأجنبية
حذر الدكتور محمد المليجي، أستاذ اللغويات بكلية اللغة العربية، من خطورة تراجع اللغة العربية في المجتمعات العربية، مؤكّدًا أن العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة.
وأضاف المليجي أن التفريط في اللغة العربية يُعد تفريطًا في الهوية ذاتها، لا سيما وأنها لغة القرآن الكريم والدين الحنيف، وسجل الماضي، وديوان الحاضر، ووعاء المستقبل.
وقال المليجي: «الأمة التي تهمل لغتها تهمل تاريخها وثقافتها وعزتها»، مستشهدًا بمقولة الكاتب مصطفى صادق الرافعي: «ما ذلت لغة شعب إلا ذلّ، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار»، ليؤكد بذلك أن عزة الأمة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعزة لغتها.
أسباب تراجع اهتمام الأجيال باللغوية الأم
وأشار المليجي إلى أن من أبرز أسباب عزوف الشباب عن العربية هو الانشغال المفرط بتعلم اللغات الأجنبية منذ سن مبكرة، على حساب اللغة الأم.
وأوضح أن الاهتمام باللغات الأخرى أمر مطلوب، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب العربية، التي تشكّل أساس الانتماء والهوية.
وأضاف المليجي أن ضعف تعليم قواعد اللغة العربية منذ المراحل الدراسية الأولى أسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة اللغوية، مؤكدًا ضرورة التركيز على تعليم اللغة العربية قبل الانفتاح على تعلم اللغات الأجنبية، محذرًا من تعليم الأطفال لغات أجنبية دون إتقانهم للغتهم الأم، لما يترتب على ذلك من ضعف في اللغتين معًا.
دور المؤسسات التعليمية في الحفاظ على اللغة
وأشاد المليجي بالدور المحوري الذي يلعبه الأزهر الشريف في الحفاظ على العربية، مشيرًا إلى أن الأزهر يستقبل طلابًا من أكثر من مئة دولة، يتوافدون خصيصًا لتعلم العربية لفهم القرآن الكريم والسنة النبوية على نحو صحيح.
وأكد أن اللغة العربية ليست عاجزة عن مواكبة العلوم الحديثة، مستشهداً بتاريخها العريق كوسيلة لتدريس العلوم والطب في فترات سابقة، مثل كلية طب قصر العيني في القرن التاسع عشر، حيث كانت العربية لغة التعليم الأساسية، ما يؤكد قدرتها على استيعاب المعارف الحديثة والتقنيات المعاصرة.
العربية وعزة الأمة
وخلص المليجي إلى أن الأمة القوية هي التي تعتز بلغتها، وتحافظ على استقلالها اللغوي كما تحافظ على استقلالها السياسي والاقتصادي.
وشدد على أن الاستثمار في اللغة العربية وتعليمها للأجيال الصاعدة ليس رفاهية ثقافية، بل ضرورة لاستدامة الهوية العربية وحفظ التراث الحضاري للأمة، وضمان قدرة الأجيال القادمة على التفاعل مع العلم والثقافة العالمية من منطلق لغتهم الأم الصلبة.