جوزيف عون يحسم الجدل: التفاوض مع إسرائيل لحماية لبنان لا استسلاماً
موقف رئاسي واضح رسم ملامح المرحلة المقبلة في لبنان. الرئيس اللبناني جوزيف عون شدد على أن التفاوض مع إسرائيل يهدف حصراً إلى تثبيت الأمن والاستقرار، لا سيما في الجنوب، مؤكداً أن هذا المسار لا يحمل أي شكل من أشكال الاستسلام.
تصريحات جوزيف عون جاءت في وقت حساس تشهده البلاد، وسط مخاوف من تصعيد عسكري وضغوط دبلوماسية متزايدة، وتزامناً مع تحركات دولية لمراقبة وقف إطلاق النار الهش بين لبنان وإسرائيل.
جوزيف عون: المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار
رسالة سياسية مباشرة أطلقها الرئيس جوزيف عون، أكد فيها أن أي خيار يتخذه سيكون من منطلق حماية المصلحة اللبنانية العليا.
عون شدد على أن موقعه كرئيس للجمهورية يفرض عليه سلوك كل طريق من شأنه إبعاد شبح الحرب، وتهيئة الظروف لإعادة الإعمار، وتثبيت المواطنين في أرضهم، خصوصاً في المناطق الجنوبية التي تكبدت خسائر كبيرة.
موقف رئاسي يعكس توجهاً براغماتياً يسعى إلى تحصين الداخل اللبناني، في ظل واقع إقليمي معقد وتوازنات دقيقة، دون التفريط بالثوابت الوطنية أو السيادة.
لجنة الرقابة الدولية في واجهة المشهد
تحركات دبلوماسية وأمنية رافقت تصريحات عون، حيث استقبل رئيس الجمهورية رئيس الوفد إلى لجنة الرقابة الدولية “الميكانيزم” سيمون كرم، وذلك قبيل الاجتماع المرتقب للجنة والمقرر عقده يوم الجمعة المقبل.
لجنة تشرف على مراقبة وقف إطلاق النار، وتضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”، إضافة إلى لبنان وإسرائيل.
دور اللجنة يكتسب أهمية متزايدة مع استمرار التوترات الميدانية، وغياب تنفيذ كامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بعد الحرب الأخيرة.
جهود الجيش اللبناني ونزع السلاح
تحركات الجيش اللبناني برزت كعنصر أساسي في المرحلة الحالية. قبل يومين، نظم الجيش جولة ميدانية لعدد من السفراء والمسؤولين العسكريين الأجانب، اطلعهم خلالها على الجهود المبذولة لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة بسط السيطرة جنوب نهر الليطاني، وفق قرار السلطة السياسية.
بيان صادر عن قيادة الجيش أوضح أن الجولة هدفت إلى تأكيد التزام المؤسسة العسكرية بتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية، وتنفيذ المهام الموكلة إليها على كامل الأراضي اللبنانية، رغم الإمكانات المحدودة.
قائد الجيش رودولف هيكل شدد على أن الجيش يتحمل مسؤولياته الوطنية في ظروف بالغة الصعوبة، في محاولة لطمأنة المجتمع الدولي.
تصعيد إسرائيلي ومخاوف لبنانية
واقع ميداني متوتر لا يزال يفرض نفسه، مع مواصلة إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق متفرقة في لبنان.
تل أبيب تبرر هذه العمليات بأنها تستهدف منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية، بعد الخسائر التي تكبدها خلال الحرب الدامية التي استمرت أكثر من عام، قبل دخول وقف إطلاق نار هش حيز التنفيذ في نوفمبر 2024.
في المقابل، يسود قلق واسع داخل لبنان من احتمال توسيع إسرائيل نطاق ضرباتها، بالتوازي مع تصاعد الضغوط الدبلوماسية، ما يضع البلاد أمام تحديات أمنية وسياسية متداخلة.
بنود الاتفاق وخلافات التنفيذ
اتفاق وقف إطلاق النار نصّ على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه على كامل الأراضي اللبنانية، إضافة إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدم إليها خلال الحرب.
إلا أن التطبيق لا يزال ناقصاً، مع استمرار إسرائيل في الاحتفاظ بخمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية.
في المقابل، يرفض حزب الله نزع سلاحه، معتبراً أن الاتفاق يقتصر على منطقة جنوب الليطاني فقط، ما يعمّق الخلاف حول تفسير بنود الاتفاق ويعقّد مهمة تثبيت الاستقرار.
معادلة الأمن والاستقرار
خطاب الرئيس جوزيف عون يعكس محاولة لتوازن دقيق بين الضغوط الدولية والواقع الداخلي.
خيار التفاوض، وفق الرؤية الرئاسية، يبقى وسيلة لحماية لبنان ومنع انزلاقه مجدداً إلى حرب مدمرة، في وقت تبدو فيه إعادة الإعمار وتثبيت السكان في أرضهم أولوية لا تحتمل التأجيل.



