رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

بعد 1340 عاماً من الود الرمزي… دبلوماسية الباندا تتعثر بين الصين واليابان

الباندا
الباندا

تدخل العلاقات الصينية اليابانية مرحلة دقيقة تعكسها تفاصيل رمزية لطالما نجحت في تجاوز الخلافات السياسية. 

دبلوماسية الباندا، التي شكّلت على مدى قرون جسراً ناعماً بين بكين وطوكيو، تواجه اليوم اختباراً غير مسبوق مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، ما يطرح تساؤلات واسعة حول مستقبل أحد أقدم أشكال التواصل الدبلوماسي في آسيا.

جذور تاريخية تعود إلى القرن السابع

تاريخ دبلوماسية الباندا بين الصين واليابان يعود إلى عام 685 ميلادياً، ما يجعل هذا التقليد ممتداً لنحو 1340 عاماً. 

هذا الإرث الرمزي مثّل على الدوام رسالة ودّ وصداقة تتجاوز الحسابات السياسية الآنية. 

على مدار القرون، ظل الباندا أداة صامتة للتقارب، حتى في أكثر الفترات توتراً بين البلدين.

طوكيو تستعد لإعادة الدبين إلى بكين

استعدادات يابانية جارية لإعادة الدبين "شياو شياو" و"لي لي" إلى الصين خلال يناير المقبل، وفق جدول زمني تم الاتفاق عليه منذ سنوات.

غير أن التطورات السياسية الأخيرة حالت دون التوصل إلى ترتيبات واضحة لاستبدالهما بدببة جديدة، ما يفتح الباب أمام مرحلة غير مألوفة من الفراغ الرمزي داخل حديقة أوينو الشهيرة في قلب العاصمة طوكيو.

توتر سياسي يعطل التفاهمات

تدهور العلاقات الثنائية شكّل العامل الحاسم في تعثر هذا الملف، الخلاف الأخير يعود إلى نوفمبر الماضي، عندما أدلت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكاييتشي بتصريحات لمّحت فيها إلى احتمال مشاركة عسكرية يابانية في حال اندلاع نزاع في مضيق تايوان. 

بكين اعتبرت هذه التصريحات تجاوزاً خطيراً للخطوط الحمراء، لتدخل العلاقات بين البلدين بعدها مرحلة من التوتر توصف بأنها الأشد منذ سنوات.

دبلوماسية ناعمة أكثر هشاشة

رغم أن دبلوماسية الباندا، التي أطلقتها الصين بصيغتها الحديثة عام 1972، صمدت أمام أزمات سياسية عديدة، فإن المؤشرات الحالية توحي بتراجع قدرتها على امتصاص الخلافات.

وزارة الخارجية الصينية، وعند سؤالها عن إمكانية تمديد إعارة الدببة، أحالت الملف إلى "الجهات المختصة"، في موقف اعتبره مراقبون رسالة مدروسة تترك الباب مفتوحاً دون تقديم أي التزام واضح.

وداع شعبي في حديقة أوينو

مشهد حديقة أوينو يعكس البعد الشعبي العميق للقضية، إقبال كثيف من الزوار الراغبين في توديع الدبين اللذين وُلدا في طوكيو عام 2021.

التذاكر المتبقية تُباع عبر نظام القرعة، في مؤشر على المكانة الخاصة التي يحتلها الباندا في الوعي الياباني، بعيداً عن تعقيدات السياسة.

تصعيد متبادل وتحذيرات سفر

بالتوازي مع هذا الملف الرمزي، تحذر بكين مواطنيها من السفر إلى اليابان، بينما تتهم طوكيو الجيش الصيني بتنفيذ أنشطة توصف بالخطرة في المياه الدولية. 

أجواء الشك المتبادل تعمق الفجوة السياسية، وتلقي بظلالها على مجالات التعاون المختلفة، بما فيها الأدوات الناعمة التي طالما استخدمت لاحتواء الخلافات.

اختبار صعب حتى عام 2026

تقديرات دبلوماسية في طوكيو تشير إلى احتمال استمرار هذا الخلاف حتى عام 2026.

مصير دبلوماسية الباندا بات بذلك اختباراً حقيقياً لقدرة القوتين الآسيويتين على إدارة النزاعات السياسية دون التفريط في الرموز التي ساهمت تاريخياً في الحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة.

تم نسخ الرابط