رفع القيمة الإيجارية لأراضي الأوقاف.. خطة لتعظيم الأصول مع حماية صغار الفلاحين
يشهد ملف أراضي الأوقاف في مصر حالة من المتابعة الدقيقة خلال الأسابيع الأخيرة، بعد إعلان وزارة الأوقاف مجموعة من القرارات الجديدة الخاصة برفع القيمة الإيجارية لمختلف الفئات.
وبينما أثار القرار تساؤلات واسعة بشأن تأثيره على الفلاحين، خرجت الوزارة عبر متحدثها الرسمي لتؤكد أن الخطوات الأخيرة تأتي ضمن رؤية متكاملة تهدف إلى تطوير الأصول وتحسين إدارتها، دون الإضرار بصغار المزارعين.
رؤية وزارة الأوقاف لتعظيم الأصول
تسعى وزارة الأوقاف منذ سنوات إلى تحقيق ما تصفه بـ"الإدارة الرشيدة لأصول الوقف"، وهي الخطوة التي تتضمن حوكمة استغلال الأراضي الزراعية وتحقيق أعلى مردود ممكن دون أعباء مبالغ فيها على الفلاحين.
الدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أوضح أنّ القرارات الأخيرة ليست إجراءً منفصلًا، بل امتداد لخطة متكاملة أطلقتها الوزارة خلال المرحلة الماضية وتشمل هذه الخطة تطوير نظم الإيجار، وتحديث قواعد استثمار الأراضي، وتنمية قيمة الأصول بما يخدم المصلحة العامة ويوفر موارد إضافية للخدمات الاجتماعية والدعوية التي تقدمها الوزارة.
رسلان كشف أن وزير الأوقاف اعتمد خلال الفترة الماضية سلسلة من القرارات الداخلية، تستهدف رفع كفاءة إدارة الأصول، ومراجعة العقود القديمة، وتنظيم العلاقة بين المستأجر والوزارة على أسس واضحة وعادلة.
حماية صغار الفلاحين.. أولوية في القرار الجديد
رغم رفع القيمة الإيجارية، شدد متحدث الوزارة على أن صغار المزارعين يحظون بـ"معاملة خاصة" في القرار الجديد وتشمل هذه الفئة المستأجرين الذين تتراوح ملكياتهم بين قيراط واحد وحتى 3 أفدنة.
وتؤكد الوزارة أن هذه الفئة تمثل العمود الفقري للإنتاج الزراعي في العديد من المحافظات، وأن أي قرار يتعلق بالأراضي يجب أن يراعي ظروفهم الاقتصادية ولهذا، جاءت التسويات الجديدة بصياغة تضمن عدم تحميلهم أعباء تفوق قدراتهم، وفي الوقت نفسه تحقق توازنًا ماليًا يحفظ حق الوقف.
ويشير رسلان إلى أن وزارة الأوقاف قدمت خلال السنوات الأخيرة استثمارات ضخمة في مشروعات بنية تحتية زراعية وخدمات لوجستية؛ هدفها رفع إنتاجية الأراضي وتحسين بيئة العمل الزراعي، وهي استثمارات تصب بحسب الوزارة في مصلحة الفلاح قبل أي طرف آخر.
تقسيم جديد للأراضي إلى أربع فئات
أحد أبرز ملامح القرار الأخير هو إعادة تصنيف أراضي الأوقاف إلى أربع فئات، بناءً على مساحة كل قطعة وخصائصها وموقعها ونوع النشاط الزراعي القائم عليها.
هذا التقسيم وفق رسلان يسمح بتحديد قيم إيجارية عادلة ودقيقة، بدلًا من فرض سعر موحد قد لا يكون منصفًا لجميع الأطراف وتشمل الفئات الأربع:
1. أراضٍ عالية التميز ذات إنتاجية مرتفعة وخدمات متكاملة.
2. أراضٍ متوسطة الإنتاج.
3. أراضٍ اقتصادية تُستخدم في محاصيل أقل عائدًا.
4. أراضٍ منخفضة المردود أو تحتاج إلى عمليات تأهيل.
الميزة الأبرز في هذا النظام حسب الوزارة هي منح المستأجرين مزايا نسبية تجعل القيمة الإيجارية أقل من الأسعار السائدة في السوق، لتحقيق العدالة ومنع أي ممارسات احتكارية قد تضر بالفلاحين.
لجنة متخصصة لتقييم الأسعار وضمان العدالة
لم تُترك عملية تحديد القيمة الإيجارية للمساحات المختلفة لاجتهاد فردي، إذ شكّلت الوزارة لجنة متخصصة تضم خبراء في مجالات الزراعة والاقتصاد وإدارة الأصول.
تقوم اللجنة بمراجعة كل قطعة أرض على حدة، وتقييم خصائصها النوعية، ومعدلات إنتاجها، واحتياجاتها من المياه، ووضع الأسواق المحلية في كل محافظة. ووفق رسلان، فإن اللجنة تعمل وفق قواعد مهنية واضحة، لضمان وصول القيمة الإيجارية إلى مستوى "عادل وواقعي".
وتؤكد الوزارة أن هدف اللجنة ليس رفع الأسعار فقط، بل ضبطها وإعادة توجيهها بما يحقق منفعة للكافة: المستأجر، والوزارة، والمجتمع الذي يعتمد على هذه الأصول في تمويل مؤسساته الدينية والخيرية.
الأرقام بين واقع السوق وسعر الأوقاف
في رده على الجدل المثار حول ارتفاع الأسعار، أوضح متحدث وزارة الأوقاف أن القيمة الجديدة للفدان لا تزال أقل من أسعار السوق في عدد من المحافظات.
وأكد أن إيجار الفدان وفق تسعيرة الأوقاف لم يتجاوز 55 ألف جنيه، بينما تتراوح القيمة في أماكن مثل محافظة الأقصر بين 8 و18 ألف جنيه فقط، وفق طبيعة الأرض ودرجة خصوبتها، وهو ما اعتبره البعض مؤشرًا على أن الوزارة لا تسعى للمبالغة في العائد، وإنما لضبط منظومة الإيجارات القديمة بما يضمن حق الوقف واستمرارية العمل الزراعي.