رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

الأزهر الشريف يقود التغيير التربوي لتشكيل وعي جيل «ألفا» الرقمي

وكيل الأزهر الشريف
وكيل الأزهر الشريف

في خطاب كشف عن أبعاد جديدة في المشهد التربوي، أكد فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن الأزهر يؤدي دورًا متقدمًا ومحوريًا في تشكيل وعي جيل «ألفا» وتوجيه مساره في عالم تتسارع فيه التحولات التقنية والمعرفية. 

وأوضح فضيلته خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الحادي عشر لكلية التربية بجامعة الأزهر، أن الجيل الجديد يعيش واقعًا مختلفًا تمامًا عن الأجيال السابقة؛ واقعًا ممتلئًا بالتقنيات الرقمية، وبما يصاحبه من تحديات ضاغطة وأدوات متجددة تعيد تشكيل الوعي والسلوك والمهارات منذ السنوات الأولى.

وأشار وكيل الأزهر إلى أن المؤسسة العريقة تعمل وفق رؤية تربوية شاملة تمس المنهج والمعلم والبيئة الرقمية والبنية التربوية، وتستهدف بناء شخصية متوازنة تجمع بين ثوابت القيم وروح العصر، عبر تطوير منظومة تعليمية تستجيب لمقتضيات الجيل الرقمي وتساعده على الاندماج في عالم متسارع دون أن يفقد جذوره أو تماسك هويته.


جيل «ألفا».. أول جيل يولد داخل التقنية

خلال كلمته، شدد وكيل الأزهر على أن جيل «ألفا» يمثل حالة فريدة وغير مسبوقة في تاريخ التربية، فهو أول جيل يولد غارقًا في التكنولوجيا منذ لحظة ميلاده، محاطًا بالهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والذكاء الاصطناعي، والمحتوى المرئي المتفاعل. 

هذا الجيل كما أوضح يمتلك قدرة كبيرة على الوصول إلى المعرفة، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات تربوية معقدة، أبرزها:

تسارع المعرفة بشكل غير مسبوق.

تغيّر القيم والإيقاعات الاجتماعية بوتيرة سريعة.

الارتباط المفرط بالشاشات والفضاءات الرقمية.

غزو المحتوى غير المنضبط للحيز اليومي للأطفال.

وأكد أن هذا الواقع لا يمكن التعامل معه بالطرق التربوية التقليدية، بل يتطلب رؤية جديدة تتوازن بين مهارات العصر وثوابت الهوية، وتساعد على بناء وعي ناقد وقدرة على التمييز والاختيار في عالم مفتوح بلا حدود.

ثمن التكنولوجيا: قدرات واسعة.. ولكن معاناة نفسية وضغط مستمر

أشار وكيل الأزهر إلى أن التكنولوجيا التي منحت جيل «ألفا» معارف وأدوات وقدرات فائقة، هي ذاتها التي فرضت عليه ضغوطًا قاسية، عبر سرعة الإيقاع، وتدفق المقارنات الاجتماعية، والاضطرابات الناتجة عن الوجود الدائم داخل عالم رقمي لا يعرف الهدوء.

وأوضح أن الجيل الحالي يعيش في دوامة من الإشعارات والضغوط التي تلتهم هدوءه النفسي، وتربك وعيه، وتسلبه لحظات البراءة والبساطة التي عاشت عليها الأجيال السابقة، وهو ما يجعل هذا الجيل في حاجة مضاعفة للرعاية والاحتواء والتوجيه، ليضمن توازنًا نفسيًا وفكريًا وسط عالم متوتر ومتغير.

الأزهر ومهمة الحنو على الجيل الجديد.. إنسان قبل أن يكون رقمًا

ورغم القدرات الرقمية التي يمتلكها جيل «ألفا»، أكد وكيل الأزهر أن هذا الجيل يحتاج إلى من يعيد إليه إنسانيته، ويمنحه مساحة للتأمل والطمأنينة، ويمسك بيده وسط الصخب الإلكتروني المتزايد. فالنجاح في إعداد هذا الجيل بحسب رؤية الأزهر يعتمد على:

تعليم ينمي العقل ويزكي القلب.

بيئة تربوية تعلّم الحضور الواعي داخل العالم الرقمي.

توجيه يساعد الطفل على استخدام التقنية دون أن يقع أسيرًا لها.

بناء شخصية متماسكة تحفظ جوهرها الأخلاقي وسط التحولات السريعة.

استراتيجية الأزهر لإعداد الجيل الرقمي.. تطوير شامل للمنهج والمعلم والبيئة التعليمية

استعرض وكيل الأزهر حزمة من الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة لتطوير التعليم بما يتناسب مع طبيعة هذا الجيل، أبرزها:

تحديث المناهج بما يربط بين أصول الدين ومتطلبات العصر.

دمج التعليم الرقمي ومنصات التعلم الإلكتروني في العملية التعليمية.

تعزيز الأنشطة التفاعلية والمواد المرئية بما يلائم اهتمامات الجيل الرقمي.

تدريب المعلمين بوصفهم «القيمة الحقيقية» لأي نهضة تعليمية.

تحسين البنية التحتية للمعاهد الأزهرية.

تنمية مهارات البحث، والبرمجة، والابتكار، والرياضات الذهنية.


وأكد أن هذه الخطوات تهدف إلى تمكين الطالب من استكشاف ذاته وقدراته، وتوفير فرص أكبر للإبداع، وبناء عقل قادر على التعامل مع العالم الرقمي بمنهجية ووعي.

جيل قادر على التفكير الناقد وإدارة المعرفة: رؤية الأزهر لقيادة التغيير

أوضح وكيل الأزهر أن المؤسسة تعمل على إعداد جيل قادر على:

تشغيل العقل النقدي.

إدارة المعرفة وتوظيفها.

قراءة التحولات العالمية بوعي.

التعامل الرشيد مع الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتجددة.

الموازنة بين الأصالة والمعاصرة.


وأشار إلى أن رؤية الأزهر تهدف إلى صناعة جيل يجمع بين الهوية والقوة الرقمية، بين التقنية والقيم، وبين الحداثة والأصالة؛ جيل قادر على قيادة المستقبل بثبات ومسؤولية.

توازن مطلوب: لا رفض للعولمة الرقمية ولا ذوبان داخلها

شدد وكيل الأزهر على أن التعامل مع جيل ألفا يفرض على المؤسسات التربوية واقعًا جديدًا، يتطلب:

عدم رفض التقنية أو العولمة الرقمية بشكل مطلق.

وفي الوقت نفسه عدم الذوبان داخلها.

اعتماد منهج يقوم على «الوعي الناقد» و«الاختيار الواعي».

بناء تفاعل منضبط مع الأدوات الرقمية، يحفظ القيم ويستفيد من التطور.

تم نسخ الرابط