رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

الاتحاد الأوروبي يرد على وثيقة ترامب: واشنطن تبقى أكبر حلفائنا رغم الانتقادات

 وزيرة خارجية الاتحاد
وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

ردّ قوي ومتوازن حملته تصريحات وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال مشاركتها في "منتدى الدوحة"، بعدما أثارت استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة جدلاً واسعاً في العواصم الأوروبية. 

ورغم لغة الوثيقة الحادة التي انتقدت الاتحاد الأوروبي بشدة، شددت كالاس على أن التحالف بين الجانبين لا يزال الركيزة الأقوى للأمن العالمي، مؤكدة ضرورة الحفاظ على وحدة الغرب في مواجهة التحديات الدولية.

تصريحات أوروبية هادئة رغم الانتقادات

أكدت كايا كالاس أن الولايات المتحدة ما تزال الحليف الأكبر للاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن الانتقادات الواردة في الوثيقة الأميركية "جزء منها صحيح"، لكنها لا تؤثر على جوهر العلاقة بين الطرفين. 

أوضحت كالاس: "لا نتفق دائماً، لكن المنطق واحد، وينبغي أن نبقى متحدين"، في إشارة إلى أهمية النسيج الأمني والسياسي الذي يجمع ضفتي الأطلسي.

وثيقة ترامب تحوّل جذري يربك العواصم الأوروبية

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، استراتيجية الأمن القومي الجديدة، في وثيقة من 33 صفحة حملت تحولات جذرية في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. 

ركزت الوثيقة على إعادة توجيه القوة الأميركية من الساحة الدولية إلى المحيط الإقليمي، مع تحذيرات صريحة من "زوال الحضارة الأوروبية"، ما أثار غضباً واسعاً في العواصم الأوروبية وخاصة برلين.

انتقادات لاذعة للاتحاد الأوروبي

اعتبرت الاستراتيجية أن أوروبا تعيش حالة تراجع اقتصادي عميق، مؤكدة أن مشاكلها أعمق مما يظهر على السطح. هاجمت الوثيقة الاتحاد الأوروبي بوصفه جهة تقوض الحرية السياسية والسيادة، وتفرض سياسات هجرة تغيّر طبيعة القارة، إضافة إلى اتهامه بفرض رقابة على حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية وفقدان الهويات الوطنية.

وحذرت الوثيقة من احتمال المحو الحضاري للقارة في غضون أقل من عشرين عاماً إذا استمرت الاتجاهات الحالية، معتبرة أن تراجع الحصة الأوروبية من الاقتصاد العالمي مرتبط بصعود الصين وقوى أخرى.

دعوة أميركية لـ"زرع المقاومة" داخل أوروبا

في واحد من أكثر بنود الوثيقة إثارة للجدل، دعت الاستراتيجية الولايات المتحدة إلى زرع المقاومة داخل القارة ضد ما وصفته بـ"المسار الحالي لأوروبا"، في إشارة مباشرة إلى نية واشنطن التأثير على السياسات الأوروبية الداخلية بما يتوافق مع رؤيتها الاستراتيجية.

غضب ألماني ورد مباشر على ترامب

جاء الرد الأوروبي الأكثر حدة من ألمانيا، إذ أكدت برلين أنها ليست بحاجة إلى نصائح من الخارج، في تعبير واضح عن رفضها للغة الوثيقة الأميركية. 

يعكس هذا الرد حجم الاستياء الأوروبي من النبرة التصعيدية التي حملتها الاستراتيجية الأميركية، والتي اعتبرها مسؤولون ألمان تجاوزاً للأعراف الدبلوماسية بين الحلفاء.

سياق تاريخي لاستراتيجيات الأمن القومي الأميركي

تجدر الإشارة إلى أن الرؤساء الأميركيين يصدرون استراتيجية للأمن القومي خلال كل ولاية رئاسية، وتحدد عادة أولويات السياسة الخارجية. 

وفي عام 2022، ركزت استراتيجية الرئيس جو بايدن على تعزيز التفوق في مواجهة الصين، ومواجهة روسيا التي وُصفت حينها بأنها "خطيرة". 

أما وثيقة ترامب الجديدة، فقد ابتعدت عن ذلك النهج لتنتقل إلى خطاب أكثر حدة تجاه المؤسسات الأوروبية نفسها.

تحالف ثابت رغم العواصف السياسية

تعكس تصريحات كالاس محاولة أوروبية لاحتواء التصعيد والحفاظ على وحدة الضفتين في ظل تحديات عالمية معقدة. 

ورغم حدة الوثيقة الأميركية، يبقى التحالف بين واشنطن وبروكسل ركيزة أساسية في النظام الدولي، لكن مستقبل هذا التحالف قد يتأثر بشكل ملموس إذا استمرت واشنطن في إرسال رسائل صدامية كتلك التي حملتها استراتيجية ترامب الأخيرة.

تم نسخ الرابط