رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

كيف يشيخ الدماغ؟.. رحلة صامتة داخل أخطر معارك العمر

شيخوخة الدماغ
شيخوخة الدماغ

مع التقدم في العمر، تبدو علامات الشيخوخة الخارجية واضحة للعيان؛ من تجاعيد البشرة إلى تغيّر لون الشعر وتباطؤ الحركة. 

غير أن هناك شكلًا آخر أكثر تعقيدًا وخفاءً يجري داخل الدماغ، بعيدًا عن الأنظار، وبصمت شديد. 

فهذه التغيرات الداخلية لا يمكن رصدها بالعين المجردة، بل تعتمد على تقنيات مثل تصوير الرنين المغناطيسي لكشف الانكماش الهيكلي، وتراجع سرعة التواصل بين الخلايا العصبية، وانخفاض مستوى النواقل الكيميائية، وتغيّر قدرة الدماغ على تكوين خلايا جديدة. 

ومع مرور الوقت، تنعكس هذه العمليات على الذاكرة والانتباه والحدة العقلية والمزاج، إلى جانب تراجع القدرة على التركيز والاستجابة.

وتؤكد البحوث العلمية أن فهم هذه التحولات يعد خطوة مهمة، إذ يُظهر العلم أن إيقاف الشيخوخة أمر مستحيل، لكن بعض العادات ونمط الحياة قد يبطئان من سرعة التدهور المعرفي، مما يمنح الدماغ قدرة أكبر على الحفاظ على وظائفه بحسب Times of india. 

كيف تغير الشيخوخة دماغك؟ الذاكرة والمزاج والعلم الكامن وراءها

التغيرات الجسدية في الدماغ

تشير بيانات مؤسسة الدماغ الأمريكية إلى أن عدة مناطق دماغية أساسية تتأثر مباشرة بالتقدم في العمر، أبرزها:

الحُصين المسؤول عن الذاكرة،

القشرة الجبهية المعنية بوظائف اتخاذ القرار والتفكير المعرفي،

المخيخ الذي ينظم التوازن والتنسيق الحركي.


وعلى المستوى الخلوي، تفقد الخلايا العصبية بعض تشعباتها، ويتآكل غلاف الميالين الذي يحمي الأعصاب ويمكّنها من نقل الإشارات بسرعة. 

يبطئ ذلك عملية الاتصال بين مناطق الدماغ، ليظهر على شكل بطء في التفكير أو ضعف القدرة على أداء مهام متعددة في وقت واحد.

تغيرات في الإدراك والذاكرة

يتأثر الإدراك تدريجيًا مع التقدم في العمر، لكن بدرجات مختلفة. فبحسب الدراسات:

الذاكرة العاملة، التي تحتفظ بالمعلومات للحظات، تصبح أقل استقرارًا.

الذاكرة التقريرية المرتبطة بالحقائق والتجارب الشخصية تصبح أصعب في الاسترجاع.

الذاكرة الإجرائية، مثل مهارات القيادة وركوب الدراجات والكتابة، تبقى غالبًا محفوظة حتى في مراحل عمرية متقدمة.


هذه التغيرات جزء طبيعي من دورة حياة الدماغ، ولا تعني بالضرورة وجود مرض.

تغيرات في المواد الكيميائية والنواقل العصبية

ينخفض إنتاج عدة نواقل عصبية مهمة مع العمر، من بينها الدوبامين والسيروتونين.

 وتشير التقديرات إلى أن مستويات الدوبامين قد تتراجع بنحو 10% كل عقد بدءًا من بداية مرحلة البلوغ، ما يؤدي إلى بطء في معالجة المعلومات، وصعوبة في التركيز، وتقلبات في المزاج، وانخفاض في الدافعية.

كيف يُغيّر العمر خلايا الدماغ ويُبطئ تكوين الخلايا العصبية؟

وفقًا لبحث منشور في مجلة شيخوخة الدماغ التابعة للمركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (NCBI)، يتباطأ تكوين الخلايا العصبية الجديدة وهي عملية تُعرف بالـ neurogenesis مع التقدمة في العمر. 

كما تتراجع كفاءة أنظمة تنظيف الخلايا الطبيعية في الدماغ، فيزداد تراكم البروتينات غير الطبيعية، ويرتفع الإجهاد التأكسدي، ويتباطأ إصلاح الخلايا التالفة.

هذه العوامل مجتمعة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض العصبية المرتبطة بتقدم العمر، مثل الزهايمر وباركنسون والتدهور المعرفي العام.

أدلة على أن نمط الحياة قد يُبطئ الشيخوخة الدماغية

حددت دراسة حديثة من معهد باك جينًا يسمى OXR1، يزداد نشاطه عند خفض السعرات الحرارية، ويلعب دورًا في حماية الخلايا العصبية من التلف المرتبط بالشيخوخة. 

وقد فتح هذا الاكتشاف بابًا جديدًا لفهم كيف يمكن أن يؤثر نمط الحياة في صحة الدماغ.

النشاط البدني

تشير مؤسسة الدماغ الأمريكية إلى أن ممارسة الرياضة بانتظام تُسهم في تعزيز تدفق الدم إلى الدماغ، وتدعم الروابط العصبية، وتقلل الالتهابات.

 وتعد الرياضة من أقوى التدخلات غير الدوائية لتحفيز الشيخوخة الصحية للمخ.

التحفيز المعرفي

وفق تقرير نشرته ناشيونال جيوغرافيك، يعزز التدريب الموسيقي والأنشطة الذهنية قدرة الدماغ على إعادة تشكيل شبكاته العصبية وهي خاصية تعرف باللدونة العصبية. 

ويساعد التحفيز المستمر للعقل على تعويض جزء من التدهور الطبيعي المرتبط بالعمر.

التغذية المتوازنة

توضح المكتبة الوطنية الأمريكية للطب أن الغذاء المتوازن وتناول سعرات حرارية أقل يقللان الإجهاد التأكسدي ويحافظان على وظائف الدماغ.

 كما تشير الطبيبة ديبورا لي، في تقرير لصحيفة ذا ميرور، إلى أن تناول الطعام ببطء والوعي بالسعرات يمكن أن يقللا الضغط الأيضي، ما قد يساهم في تأخير الأمراض المزمنة المرتبطة بشيخوخة الدماغ. 

عادات يومية تحمي الدماغ مع تقدم العمر

رغم أن بطء التفكير ونسيان التفاصيل البسيطة من العلامات الشائعة للتقدم في العمر، فإن الأبحاث الحديثة تُظهر إمكانية إبطاء هذه التغيرات.

 اختيار أنماط حياة صحية كالرياضة، والتحفيز المعرفي، والغذاء المتوازن قد يؤخر تدهور القدرات العقلية، ويحافظ على الدماغ أكثر يقظة وحيوية مع التقدم في العمر.

تم نسخ الرابط