رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

ابتزاز الخصوصية الزوجية.. جريمة تهدم البيت والمجتمع

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في زمن تحولت فيه الهواتف إلى خزائن أسرار، وأصبحت الصور والرسائل تحت رحمة ضغطة زر، برزت واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية والأخلاقية: استخدام الخصوصيات الزوجية كسلاح للتهديد والابتزاز والتشهير.

ظاهرة تتصاعد مع انتشار المنصات الرقمية، وتحوُّل الخلافات الزوجية إلى ساحات مفتوحة للفضح، رغم أن العلاقة التي كانت يومًا «ميثاقًا غليظًا» أصبحت لدى البعض أداة للنيل من الطرف الآخر.

العلاقة الزوجية ليست مجرد رابطة عاطفية أو اجتماعية، بل هي بناء محكم يقوم على الستر والثقة القرآن الكريم شبَّه الزوجين باللباس، في دلالة دقيقة على الحماية والخصوصية:
{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}.

اللباس يدفئ، ويحمي، ويستر؛ وهكذا أراد الله للزوجين أن يكونا لبعضهما.
من هنا، فإن أي انتهاك لهذه الخصوصية يُعد عدوانًا مباشرًا على قدسية العلاقة التي أقرّها الشرع.

تصوير الخصوصيات.. سلوك منحرف يتصادم مع الدين والفطرة

تحذر المؤسسات الدينية من قيام أحد الزوجين بتصوير خصوصيات الآخر، أو تسجيله دون علمه، لما يمثله من خيانة للأمانة وانحطاط أخلاقي.

هذا السلوك لا يصدر  بحسب المتخصصين  إلا من أصحاب النفوس الضعيفة، الباحثين عن مكاسب رخيصة من خلال:

زيادة المشاهدات،

الابتزاز المالي،

الضغط النفسي،

أو الانتقام بعد الخلافات أو الانفصال.


ويجمع العلماء على أن الصور الخاصة ليست ملكًا لمن التقطها؛ بل هي جزء من حرمة الأسرة، ولا يجوز توسُّلها لأي شكل من أشكال الإيذاء

إثم كبير: إفشاء الأسرار الزوجية في ميزان الشرع

جاءت السنة النبوية لتحسم الجدل وتغلق الباب أمام جميع محاولات العبث بالسر الزوجي. فقد وصف النبي ﷺ من يفشي تفاصيل العلاقة الزوجية بأنه من "أشرّ الناس منزلة يوم القيامة"، حين قال: «إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلُ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».
ولا يقتصر الإثم على الكلام فقط؛ بل يشمل:

الوصف،

البوح،

التصوير،

النشر،

وإتاحة الخصوصيات بأي شكل كان.

فالسر الزوجي أمانة، ومن يعتدي عليه فقد اعتدى على أصل الميثاق

الميثاق الغليظ.. التزامات تستمر حتى بعد الانفصال

حتى عند احتدام الخلافات أو وقوع الطلاق، يبقى الخلق، والمروءة، والعفة، والحشمة واجبات لا تسقط.
فالانفصال لا يبرر:

نشر صور،

تسريب رسائل،

كشف محادثات،

أو استخدام أي معلومات خاصة للضغط أو الإيذاء.


الشرع يربي الزوجين على أن يتذكرا أن الله جمع بينهما يومًا بمودة ورحمة؛ ومن المروءة ألا يتحول الخلاف إلى حرب أسرار.


الابتزاز الرقمي بين الأزواج.. جريمة مكتملة الأركان

يرصد المختصون انتشارًا متزايدًا لجرائم التشهير والابتزاز الإلكتروني داخل إطار الأسرة.
وتؤكد الجهات المختصة أن استخدام الصور والمقاطع الخاصة:

جريمة دينية: لأنها إفشاء للسر.

جريمة أخلاقية: لأنها انحراف عن الفطرة.

جريمة قانونية: قد تصل عقوباتها إلى السجن والغرامة بموجب قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية.


ويصف الخبراء هذه الظاهرة بأنها تدنٍ إنساني يهدد القيم الأسرية ويشيع الفاحشة في المجتمع.

حماية المرأة والأسرة.. مسؤولية دينية ومجتمعية

تؤكد المؤسسات الدينية أن حماية المرأة من العنف الرقمي ليست خيارًا، بل واجب ديني وأسري.
فالتكنولوجيا مهما تطورت، يجب ألا تتحول إلى أداة للهيمنة أو السيطرة أو الإيذاء.

ويشمل هذا الواجب:

توعية الأزواج بخطورة الاحتفاظ بمواد حساسة،

خلق ثقافة أسرية قائمة على الأمان والثقة،

تشجيع الضحايا على التبليغ،

تعزيز دور الأسرة والمجتمع في دعم من يتعرض للابتزاز.

تحريم تداول الخصوصيات.. حماية للمجتمع من انتشار الفاحشة

يحذر القرآن من نشر أي محتوى يمس حرمة الأسر، حتى لو وصل الشخص إليه دون أن يطلبه.
قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فمجرد ترويج الخصوصيات أو تداولها  ولو على سبيل الفضول  يمثل خرقًا شرعيًا وأخلاقيًا يهدد المجتمع كله.

تم نسخ الرابط