أخطر من كورونا.. تفاصيل الفيروس المنتشر بين طلاب المدارس في الشتاء
سادة حالة من الخوف نتيجة ظهور الفيروس المنتشر بين طلاب المدارس،بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة السنوي واقتراب ذروة فصل الشتاء، حيث يتجدد القلق المجتمعي، خاصة بين الأمهات، حول حدة ومدة إصابات الأطفال بنزلات البرد والإنفلونزا.
مدة الإصابة وأعراض الفيروس
وتتركز الشكاوى حول طول فترة الأعراض، واستمرار الحمى والسعال، وزيادة وتيرة المرض مقارنة بالسنوات السابقة، وهذا الشعور المتنامي بأن "كل شتاء هو الأسوأ" يثير تساؤلات حول وجود سلالات فيروسية جديدة، ربما تكون مرتبطة بالتطورات اللاحقة لجائحة كوفيد-19.
ولتوضيح تطورات هذا الفيروس، أكدت وزارة الصحة والسكان، في تصريحات لمتحدثها د. حسام عبدالغفار، أن الفيروسات المنتشرة هي في الغالب الفيروسات التنفسية المعتادة، لكن مزيجاً من العوامل المناعية والسلوكية والنفسية هو ما يجعل التجربة السريرية تبدو أشد وأطول.
إعادة المعايرة المناعية
يكمن التفسير العلمي الأبرز لشدة الأعراض الحالية فيما يُعرف بـ "دين المناعة" (Immunity Debt)، خلال ذروة جائحة كورونا بين عامي 2020 و 2022، أدت إجراءات التباعد الاجتماعي والاستخدام الواسع للكمامات إلى تقليل تعرض الأفراد، لا سيما الأطفال وكبار السن، للفيروسات التنفسية الشائعة.
لماذا يصيب الفيروس المنتشر بين طلاب المدارس الصغار؟
هذا العزل النسبي تسبب في انخفاض المناعة الطبيعية المجتمعية المتجددة، ومع عودة الحياة إلى طبيعتها، عاد انتشار هذه الفيروسات ليجد جيلاً مناعياً لم يطور استجابته الكاملة، ما أدى إلى تفعيل استجابة مناعية أولية أقوى وأعراض أشد وأطول عند الإصابة.
ويُضاف إلى ذلك عامل ديناميكية الفيروسات نفسها، فبالرغم من أنها ذات الفصائل، إلا أنها تخضع لـ تغيرات طفيفة موسمية. هذه التغييرات، وإن كانت بسيطة، تقلل من كفاءة وفعالية الأجسام المضادة المكتسبة من إصابات سابقة، ما يؤدي إلى اختراق مناعي جزئي واشتداد نسبي في حدة المرض، كما أن عودة سلالات الإنفلونزا الحقيقية بقوة، بعد تراجعها لثلاث سنوات، تساهم في ارتفاع وتيرة الأعراض الشديدة، كونها من أكثر الفيروسات التنفسية تسبباً في متاعب صحية.
تتابع العدوى وتراجع الوقاية
لا يقتصر الأمر على شدة الإصابة الواحدة، بل يمتد إلى تتابع الإصابات، حيث تشير الملاحظات الوبائية إلى أن العديد من الأطفال يتعرضون للإصابة المتتالية بأكثر من عامل ممرض في الموسم الواحد، فقد ينتقلون من الإصابة بـ الإنفلونزا إلى الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، ثم إلى فيروس آخر، مما يعطي انطباعاً بأن المرض مستمر لأسابيع طويلة دون انقطاع، وهذا التتابع يرهق الأجهزة المناعية للأطفال ويزيد من عبء المرض على الأسرة.
طرق الوقاية من الفيروس المنتشر بين طلاب المدارس
كما أن تراجع العادات الوقائية البسيطة التي تم ترسيخها خلال الجائحة، مثل غسل اليدين بانتظام وتغطية الفم والأنف عند السعال والعطس، ساهم بشكل مباشر في زيادة سرعة انتشار الفيروسات وكثافتها، خاصة في البيئات المغلقة مثل المدارس ورياض الأطفال، ما يرفع معدلات العدوى الإجمالية.
تأثير الإدراك الجمعي ومنصات التواصل الاجتماعي
إلى جانب العوامل البيولوجية والوبائية، تلعب العوامل النفسية والإدراكية دوراً في تضخيم الشعور بحدة الشتاء، حيث يميل الإدراك البشري إلى نسيان شدة التجارب السلبية السابقة بسرعة، ومقارنة الوضع الحالي بالذكرى "الأخف" للمواسم الماضية، وهذا التحيز الإدراكي يجعل أي شتاء قوي يبدو وكأنه استثناء غير مسبوق.
كما أن الانتشار الواسع والآني لـ المنشورات المقلقة عبر منصات التواصل الاجتماعي يساهم في بناء "صدى رقمي" للخطر الصحي، إذ تؤدي هذه المنشورات إلى تضخيم الشعور بالقلق والمخاطرة في الوعي الجمعي بما يتجاوز الواقع الفعلي للإحصائيات الصحية، مما يزيد من شكاوى الأمهات والجمهور العام.
والشعور بأن نزلات البرد أصبحت أشد وأطول هو نتاج لتفاعل معقد بين انخفاض المناعة المجتمعية المؤقتة بعد التباعد، والتغيرات الطفيفة في الفيروسات، وتتابع العدوى، وتراجع العادات الصحية الوقائية، وأخيراً تأثير التضخيم الإعلامي. لمواجهة هذا التحدي، يتوجب على الأفراد والمجتمع إعادة تبني العادات الأساسية للنظافة الشخصية، والحرص على التطعيمات الموسمية، والتصدي للمعلومات المضللة، وإدراك أن شدة الشتاء الحالي هي في جزء كبير منها نتيجة لتأثيرات العزل المناعي السابق.

