رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

عمرو عامر يكتب: في حب «دولة التلاوة»

تفصيلة

منذ فجر التاريخ وقيام الدولة المصرية العظيمة على ضفاف النيل منذ آلاف السنين كأول مجتمع حضاري عرفته البشرية ويمثل «الدِين» فيها محور الحياة وكان المصريون أبعد الناس عن الوثنية والكفر، وقامت الحياة في ظل «الإله» أيا كان اسمه منذ عهد الفراعنة إذ عرف المصريون أن وراء صنع الكون خالق عظيم، فعبدوه بصور مختلفة، لكن ظل محور عبادتهم أنه «إله واحد» منذ عصر «أخناتون الموحد» وإلى اليوم يعبدون نفس الإله الخالق الباريء.

مصر تختلف عن كل دول العالم أنها كانت حارسة الأديان الأمينة وحاضنة الأنبياء ففر إليها عيسى ولجأ إليها موسي لميقات ربه وعاش بها إدريس ورسم بالقلم، وحكم فيها يوسف بأمر ربه، وكانت ملاذا لذرية النبي يعقوب وأنقذت المسيحية من ظلم الرومان وكانت تَعدل في الإسلام دولة الخلافة وظلت سادنة العقيدة وخادمة الدين في أزهرها الشريف حامل لواء الإسلام الوسطي الذي أتي به الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

في غفلة من الزحام سادت موجة من الإسفاف الأخلاقي مع التطور المريع في وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي وطغت على السطح موجة من الثقافة الغريبة على المجتمع المصري، وظهرت برامج المهرجانات والتيك توك والدراما المبتذلة، التي تشجع على البلطجة والإجرام وتعطيل القانون وتشجع تعاطي المخدرات وفرض الأمر بالقوة، قبل أن تصحح الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف بوصلة الأخلاق وتقوم السلوك وتقدم برنامج «دولة التلاوة» أحد أعظم برامج الإعلام في مصر منذ زمن طويل وهو الذي أعاد التذكير بالعصر الذهبي لقراء القرآن الكريم في مصر ممن جالت وصالت أصواتهم في العالم الإسلامي كله ووصلت لأروقة الأمم المتحدة والبيت الأبيض وقصور الرئاسة في أوروبا وآسيا وكانوا أحد أهم قوة مصر الناعمة في وقت من الأوقات حتي قيل إن القرآن نزل في الجزيرة العربية وقريء في مصر من عذابة وجمال الأصوات المصرية التي ظهرت على مدار سنوات طويلة.

لاعجب أن يتصدر برنامج دولة التلاوة والذي يقدم مواهب في قراءة القرآن الكريم الترند في مصر والعالم بعد ثلاثة أيام عرض فقط، وهو أمر له دلالاته القاطعة على عشق المصريين للقرآن وعلى تدينهم الفطري وبعد نفوسهم عن القبح والقبيح وأنهم لجأوا إلى السفاهات نتيجة لغياب البديل الجيد والمحتوى الهادف.

مشاهد الأطفال وهم يشاهدون دولة التلاوة يدلل أيضا أن جيلا جديدا يمكن أن يكبر وهو متسلح بأخلاق القرآن الكريم والوسطية بعيدا عن تعلم مظاهر البلطجة والعنف والانحراف بكل أشكاله وهو هدف يعزز الأمن القومي المجتمعي في المستقبل، ويساهم في استمرار ظهور مواهب ألحان السماء واكتشاف جيل جديد من القراء يوصل ما انقطع بموت عباقرة التلاوة وأصحاب الحناجز الذهبية، ويعزز من سيادة مصر الروحية في العالم الإسلامي والتي سادت بعلمائها وأزهرها وأوقافها وبرامجها وإعلامها الديني المميز، ومن منا ينسي برامج دينية مصرية علمت المسلمين عقيدتهم وربطتها بأمور دنياهم ومنها على سبيل المثال لا الحصر العلم والإيمان وحديث الروح وخواطر الشيخ الشعراوي.

جزء كبير من أخلاق سكان الأرياف الحميدة وسلوكهم القويم تعود لظروف نشأتهم صغارا في «الكتاتيب» والتي أحسنت وزارة الأوقاف والأزهر الشريف إعادة إحياؤها من جديد، لتعود لمصر قوتها ومكانتها في العالم الإسلامي.. خلاصة القول أن دولة التلاوة أعادت التأكيد على أن المصريين لهم فطرتهم الخاصة النقية وأن كل مبتذل وإن اشتد مؤقت أما الزبد فيذهب وجفاء وماينفع الناس يمكث في الأرض.. تحية لكل من فكر ونفذ وساهم في خروج البرنامج بهذا الشكل.

تم نسخ الرابط