تصاعد الخلاف بين ترامب وجرين.. من الحليفـة الأكثر ولاءً إلى العشب المتعفّن
يشهد الحزب الجمهوري واحدة من أكثر أزماته الداخلية صخباً منذ سنوات، بعد أن تفجّر خلاف غير مسبوق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والنائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، التي كانت حتى وقت قريب من أكثر مؤيديه ولاءً وشراسة.
تطور دراماتيكي ينقل العلاقة من التحالف المطلق والتفاخر المتبادل إلى تبادل الإهانات، وتحذيرات من تهديدات، وصراع مفتوح على النفوذ داخل القاعدة الجمهورية.
تقرير يكشف تفاصيل التحول الكبير، ويحلل الخلفيات السياسية والشخصية التي دفعت ترامب وجرين إلى هذا الاصطدام العنيف الذي يتابعه الإعلام الأميركي باهتمام كبير، وسط علامات استفهام حول مستقبل اليمين الشعبوي في الولايات المتحدة.
جرين تتهم ترامب بالتحريض عليها وتعلن خوفها على سلامتها
تفجّر الخلاف في الساعات الأخيرة بعدما نشرت جرين على منصة “إكس” رسالة غير مسبوقة قالت فيها إنها “تؤمن بالشعب الأميركي أكثر مما تؤمن بأي قائد أو حزب سياسي”، مضيفة أنها تشعر بالقلق على سلامتها لأن أقوى رجل في العالم يؤجج التهديدات ضدها.
رسالة صادمة تعني بوضوح أن جرين ترى ترامب مصدر تهديد لها، وهو ما حوّل الخلاف إلى صراع شخصي معلن، لا يمكن احتواؤه بسهولة داخل الحزب.
وجاء هذا بعد إعلان ترامب دعمه العلني لمنافس جمهوري ضدها في الانتخابات التمهيدية بولاية جورجيا، ما اعتبرته غرين محاولة مباشرة لإسقاطها سياسياً.
ترامب يرد بإهانة علنية ويصفها بـ“العشب المتعفن”
لم ينتظر ترامب طويلاً للرد، فأطلق عليها لقباً ساخراً عبر “تروث سوشيال”، قائلاً:
“مارجوري تايلور براون، لأن العشب الأخضر يتحول إلى بني عندما يتعفن”
وهو تصريح حمل سخرية وازدراء واضحين، ويمثل قطيعة كاملة مع العلاقة التي كانت قبل أشهر فقط قائمة على الإعجاب المتبادل، حين ظهرت جرين في الكونجرس تحمل العلم الأميركي وترتدي قبعة حمراء كتب عليها: “ترامب كان محقاً في كل شيء”، قبل أن يقبّلها ترامب على العلن ويبتسم بثقة.
تحول جذري: من أبرز المدافعين عن ترامب إلى أشدّ منتقديه
يتساءل الأمريكيون: كيف تحولت واحدة من أقرب حلفاء ترامب إلى خصم سياسي؟
ويرى محللون أن ما يحدث نتيجة سلسلة تراكمات بدأت قبل أسابيع، حين صعدت جرين انتقاداتها للرئيس، متهمة إياه بالتركيز على السياسة الخارجية وإهمال القضايا المعيشية التي تهم الأميركيين.
كما انتقدت عدم نشر المزيد من الوثائق المرتبطة بقضية جيفري إبستين، ملمحة إلى أنه يتردد في الإفصاح عن ملفات حساسة قد تطال شخصيات نافذة.
ولم تكتفِ بهذا، بل شككت في قيادة ترامب لحركة “أميركا أولاً”، في إيحاء بأنها قد تكون الوجه الحقيقي لهذه الأجندة القومية المحافظة.
ترامب يشعر بالتهديد وجرين تختبر حدود نفوذه
تجاوز الخلاف حدود النقد السياسي، بعدما بدأت جرين اختبار شعبيتها خارج منطقتها الانتخابية، وظهرت في برامج إعلامية ليبرالية مثل “ذا فيو” بلهجة أقل حدة، قائلة إن الأشخاص ذوي الأصوات القوية، وخاصة النساء، يحتاجون إلى طريق جديد.
تصريحات فتحت الباب واسعاً أمام التكهنات بأنها تخطط للترشح لانتخابات أوسع، وربما حتى التطلع إلى سباق الرئاسة مستقبلاً، رغم نفي مقربين منها ذلك.
ولأن ترامب لا يتسامح مع أي شخصية جمهورية يمكن أن تنافسه على القاعدة نفسها، تحوّلت جرين من صوت وفيّ إلى خطر محتمل.
جذور العلاقة: دعم مطلق من ترامب وتاريخ من الولاء السياسي
شهدت بدايات جرين السياسية تقارباً كبيراً مع ترامب، إذ تبنت رواية تزوير الانتخابات، وروجت لنظريات “كيو أنون”، وظهرت في حملات مسلحة دعائية أثارت الجدل.
ورغم اعتراض قيادات الحزب الجمهوري على ترشحها عام 2020، وقف ترامب إلى جانبها واعتبرها نجمة جمهورية مستقبلية.
دعمت جرين ترامب حتى اللحظات الأخيرة من ولايته الأولى، وروّجت لخطاباته، وكانت جزءاً من المجموعة التي غذت مزاعم تزوير انتخابات 2020.
كما أصبحت صوتاً إعلامياً قوياً في حملته للعودة إلى البيت الأبيض عام 2024.
لكن كل هذا لم يمنع التحول الجذري الذي نشهده اليوم.
ملف إبستين يشعل الخلاف ويعيد الأسئلة حول ماضي ترامب
يبرز ملف جيفري إبستين كأحد النقاط الحساسة التي أثارت غضب ترامب.
جرين تعد من القلة الجمهورية التي تطالب بنشر المزيد من وثائق القضية المرتبطة بالأسماء الكبيرة التي تعاملت مع إبستين، وهو ما يشكل ضغطاً على ترامب نفسه، الذي واجه خلال السنوات الماضية أسئلة متكررة حول علاقته الشخصية بالرجل المتهم بجرائم جنسية.
هذا الملف تحديداً كان نقطة انفجار جديدة، وجعل ترامب يرى في جرين صوتاً غير مضمون الولاء.
طموح سياسي يتجاوز ترامب وتغير في خطاب جرين
يتحدث المقربون من ترامب عن أن النائبة لم تعد تمثل الخطاب القومي المتشدد نفسه، وأنها تسعى لتلميع صورتها إعلامياً، خصوصاً بعد ظهورها في منصات ليبرالية ومحاولة التقرب من جمهور معتدل.
ويقول شون هاريس، خصمها الديمقراطي السابق، إن جرين تصنع المعارك لتظل في العناوين، مؤكداً أن تحولها الحالي هدفه الأضواء أكثر من القضايا.
ترامب يحارب على جبهتي الديمقراطيين والجمهوريين
يدرك ترامب أنه في ولايته الثانية يحتاج لإحكام السيطرة على الحزب الجمهوري.
وتظهر مواقفه الأخيرة أنه يسعى للتخلص من أي مشرّع يراه “غير وفي”، في الوقت الذي يضغط فيه على الولايات لإعادة رسم الدوائر الانتخابية لضمان تفوق الجمهوريين.
لكن تصاعد الخلافات داخل حزبه يشير إلى مرحلة جديدة من الانقسامات التي قد تهدد استقرار قاعدته السياسية.

