منابر الإعلام إلى الزنازين: واشنطن تحتجز سامي حمدي بسبب انتقاداته لإسرائيل
أثار احتجاز المعلق البريطاني سامي حمدي في الولايات المتحدة جدلاً واسعاً حول حرية التعبير وحدودها، بعد أن أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية أن سلطات الهجرة ألغت تأشيرته وقررت ترحيله، عقب انتقاده الحكومة الإسرائيلية في فعاليات عامة.
وأكدت المتحدثة باسم الوزارة، تريشيا ماكلولين، عبر منصة "إكس"، أن إدارة الهجرة والجمارك ألقت القبض على حمدي، مشددة على أن "من يدعمون الإرهاب ويقوضون الأمن القومي الأميركي لن يُسمح لهم بالعمل أو الزيارة في عهد الرئيس دونالد ترمب".
منصة إعلامية تحولت إلى ساحة صراع سياسي
حمدي، الذي اشتهر بتعليقاته السياسية على شبكات التلفزيون البريطانية، كان يزور الولايات المتحدة للمشاركة في عدد من الندوات التي ينظمها مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR).
وشارك مساء السبت في فعالية بمدينة ساكرامنتو بولاية كاليفورنيا، وكان من المقرر أن يتحدث الأحد في حدث مماثل بولاية فلوريدا، قبل أن يتم توقيفه في مطار سان فرانسيسكو الدولي، بحسب بيان صادر عن المجلس.
اتهامات لإدارة ترامب بقمع الأصوات المعارضة
مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية أدان عملية الاعتقال، معتبراً أنها تأتي في إطار "استهداف سياسي" للمسلمين والمنتقدين للسياسات الإسرائيلية.
وقال نائب مدير المجلس، إدوارد أحمد ميتشل، إن سامي حمدي "لم يدعم مطلقاً أي جماعة متشددة"، مشيراً إلى أن محامي الدفاع لم يتمكنوا من التواصل معه منذ احتجازه.
وأضاف في بيان رسمي أن "اختطاف صحافي ومعلق سياسي بريطاني مسلم بارز لأنه انتقد الإبادة الجماعية في غزة يمثل إهانة صارخة لحرية التعبير في الولايات المتحدة".
يمين أميركي يحتفي بالاعتقال
في المقابل، اعتبرت شخصيات محافظة بارزة أن توقيف المعلق البريطاني خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي.
الناشطة اليمينية لورا لومر أعلنت عبر حسابها على "إكس" أنها كانت وراء إثارة قضية سامي حمدي لدى السلطات، معتبرة أن "مكان الداعمين للإرهاب ليس في أميركا".
وتأتي هذه التصريحات ضمن موجة دعم من الأصوات اليمينية المقربة من إدارة ترمب، التي كثفت في الأشهر الأخيرة من حملاتها ضد المهاجرين والنشطاء المؤيدين للفلسطينيين.
حملة ترامب الجديدة ضد الهجرة والمنتقدين لإسرائيل
منذ مطلع يناير، تنفذ إدارة ترامب حملة واسعة تشمل تشديد الرقابة على حسابات التواصل الاجتماعي للمهاجرين، وإلغاء تأشيرات أشخاص يُشتبه في تأييدهم لمواقف "معادية لإسرائيل".
وشملت الإجراءات ترحيل طلاب يحملون تأشيرات دراسية أو إقامات قانونية بعد نشرهم منشورات تدعم الفلسطينيين أو تنتقد الجيش الإسرائيلي.
ويقول مراقبون إن هذه السياسات تمثل تصعيداً خطيراً ضد حرية التعبير، وتعيد إلى الأذهان ممارسات الحرب الباردة عندما كان الرأي السياسي سبباً للترحيل والمنع.
السياق الدولي والاتهامات لإسرائيل
تزامن احتجاز سامي حمدي مع تصاعد الغضب الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية في غزة. فقد خلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية" ضد المدنيين الفلسطينيين، بعد هجومها الواسع الذي بدأ في أكتوبر 2023 وأدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتدمير مساحات كبيرة من القطاع.
ويعتقد مراقبون أن إدارة ترامب تحاول توجيه رسالة سياسية مفادها أن أي انتقاد لإسرائيل سيُعتبر تهديداً للأمن القومي الأميركي، ما يفتح الباب أمام مواجهة محتدمة بين دعاة حرية التعبير ومؤسسات السلطة.
يأتي اعتقال سامي حمدي ليشكل اختباراً جديداً لالتزام واشنطن بحرية الصحافة والرأي، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية لسياساتها الداخلية والخارجية.
وبينما تبرر إدارة ترامب موقفها تحت شعار "حماية الأمن القومي"، يرى ناشطون أن ما يحدث هو تكميم ممنهج للأصوات الحرة الرافضة لجرائم الحرب في غزة.



