ارتفاع ضغط الدم في الشتاء.. خطر يشتد مع برودة الطقس
ارتفاع ضغط الدم من أكثر الاضطرابات الصحية شيوعًا حول العالم، إذ يُصيب ملايين الأشخاص من مختلف الفئات العمرية.
ورغم أنه قد يظهر في أي وقت من العام، فإن فصل الشتاء يُمثل تحديًا خاصًا لمرضى الضغط، لما يحمله من تغيّرات فسيولوجية ومناخية تؤثر مباشرة في القلب والأوعية الدموية.
فعندما تنخفض درجات الحرارة، لا يقتصر الأمر على الشعور بالبرد فقط، بل تبدأ الأوعية الدموية في الانقباض استجابة للطقس البارد، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة العبء الواقع على عضلة القلب.
وتحذر الدراسات من أن هذه التغيرات قد تُفاقم خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، بالإضافة إلى اضطرابات الكلى المزمنة، إذا لم تُتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
العوامل المسببة لارتفاع ضغط الدم شتاءً
بحسب دراسة نُشرت في موقع PubMed Central بعنوان "ارتفاع ضغط الدم في الشتاء: الآليات المحتملة"، فإن هناك عدة عوامل مترابطة تؤدي إلى زيادة معدلات ضغط الدم خلال الأشهر الباردة:
1. درجة الحرارة:
يُلاحظ ارتباط وثيق بين انخفاض درجات الحرارة وارتفاع ضغط الدم. فكلما انخفضت حرارة الجو أو الأماكن المغلقة، ارتفع كل من الضغط الانقباضي والانبساطي. ويُعزى ذلك إلى تضيق الأوعية الدموية، ما يُزيد المقاومة الطرفية ويُصعّب ضخ الدم.
2. نشاط الجهاز العصبي:
يُحفّز الطقس البارد الجهاز العصبي الودي، فيُطلق هرمونات ترفع من تقلص الأوعية الدموية وتُزيد معدل ضربات القلب، ما يرفع ضغط الدم.
3. نقص فيتامين (د):
مع قلة التعرض لأشعة الشمس في الشتاء، تنخفض مستويات فيتامين (د) في الجسم، وهو عنصر يُسهم في تنظيم ضغط الدم من خلال تثبيط نظام "الرينين–أنجيوتنسين" المسؤول عن تضييق الأوعية الدموية.
4. تأثير الهرمونات:
يرتفع إنتاج هرمونات مثل النورإبينفرين والأدرينالين والألدوستيرون عند التعرض للبرد، ما يؤدي بدوره إلى زيادة ضغط الدم.
5. تلوث الهواء:
تزداد في الشتاء تركيزات الجسيمات الدقيقة (PM2.5 وPM10) والأوزون، وهي ملوثات تُسبب التهاب الأوعية الدموية وتُضعف مرونتها، مما يسهم في رفع الضغط.
الأعراض الشائعة في الشتاء
رغم أن ارتفاع ضغط الدم يُوصف غالبًا بـ"القاتل الصامت"، فإن بعض الأعراض قد تظهر أو تتفاقم خلال الشتاء، ومنها:
الصداع والدوار: نتيجة تقلبات مفاجئة في ضغط الدم وانقباض الأوعية الدموية.
برودة اليدين والقدمين: بسبب ضعف تدفق الدم إلى الأطراف، ما يُسبب وخزًا أو خدرًا.
ضيق التنفس: إذ يواجه القلب صعوبة في ضخ الدم بفعالية مع زيادة المجهود في الطقس البارد.
الإرهاق المستمر: يُشير إلى أن القلب يبذل جهدًا أكبر لمواجهة البرودة.
ألم الصدر أو خفقان القلب: إنذار مبكر لاحتمال مضاعفات خطيرة، خاصة لدى كبار السن ومرضى القلب.
نصائح لضبط ضغط الدم في الشتاء
الحفاظ على النشاط البدني: ممارسة التمارين الخفيفة داخل المنزل، مثل المشي أو اليوغا، تُساعد على تحسين الدورة الدموية.
اتباع نظام غذائي صحي: تقليل استهلاك الملح، وتناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم والخضراوات والفواكه.
تدفئة الجسم جيدًا: ارتداء الملابس الدافئة وتجنب البقاء في أماكن باردة لفترات طويلة.
إدارة التوتر: استخدام تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق، إذ يُمكن للتوتر النفسي أن يرفع الضغط.
الالتزام بالعلاج الطبي: تناول الأدوية بانتظام ومراجعة الطبيب بشكل دوري لمتابعة التغيرات الموسمية.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
ينصح بطلب الرعاية الطبية العاجلة عند ظهور أعراض مثل الصداع الشديد، ألم الصدر، ضيق التنفس، تغيّر الرؤية، أو نزيف الأنف المتكرر.
فالتدخل المبكر في هذه الحالات يُمكن أن يُنقذ الحياة ويمنع المضاعفات القلبية الوعائية الخطيرة.
يظل الشتاء موسم الحذر لمرضى ارتفاع الضغط، إذ يتطلب وعيًا أكبر بالعوامل المحيطة، والتزامًا مستمرًا بالتدابير الوقائية للحفاظ على توازن ضغط الدم وصحة القلب.



